شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ … وعجيبُ الزمان غَيْرُ عَجِيبِ
فاجعلي موضعَ التعجُّب من شَيْ … بِيَ عُجْباً بفَرْعك الغِرْبيبِ
قد يشيبُ الفتى وليس عجيباً … أن يُرى النورُ في القضيب الرطيبِ
ساءها أنْ رأتْ حبيباً إليها … ضاحكَ الرأسِ عن مفَارقَ شِيبِ
فدَعَتْهُ إلى الخُضاب وقالت … إنَّ دفنَ المَعيبِ غيرُ معيبِ
خَضَبت رأسَهُ فبات بتَبْري … حٍ وأضحى فظلَّ في تأنيبِ
ليس ينفكُّ من مَلامة زارٍ … قائلٍ بعد نظرتَيْ مُستريب
ضلة ً ضلة ً لمن وعَظَتْهُ … غِيَرُ الدهر وهْو غيرُ مُنيب
يدَّري غِرَّة َ الظباء مُريغاً … صَيْدَ وحْشيِّها وصَيْدَ الرَّبيب
مُولَعاً موزَعاً بها الدهر يرْمي … ها بسهم الخضاب غيرَ مصيب
عاجزٌ واهنُ القُوى يتعاطى … صبغة َ الله في قناع المشيب
رامَ إعجابَ كل بيضاءَ خود … بسواد الخضاب ذي التعجيب
فتضاحكْنَ هازئاتٍ وماذا … يُونِقُ البِيضَ من سوادٍ جَليب
يا حليفَ الخضاب لا تخدع النف … س فما أنت للصِّبا بنسيب
ليس يجدي الخضابُ شيئاً من النف … ع سوى أنه حِدادُ كئيب
فاتَّخذْهُ على الشباب حداداً … وابكِ فيه بعَبْرة ونَجيب
وفتاة ٍ رأت خضابي فقالت … عَزَّ دَاءُ المشيب طِبَّ الطبيب
خاضبُ الشيب في بياضٍ مُبين … حين يبدو وفي سوادٍ مريب
يا لها من غَريرة ذاتِ عينٍ … غيرِ مغرورة بشيبٍ خَضيب
وحقيقٌ لعورة الشيب أن تب … دوَ للغِرِّ غيرِ ذي التدريب
لهفَ نفسي على القناع الذي مَح … حَ وأُعقِبْتُ منه شرَّ عَقيب
مَنَعَ العينَ أن تَقرَّ وقرت … عينُ واشٍ بنا وعينُ رقيب
شان ديباجة َ الشبابِ وأزرى … بقوامٍ له ولينِ عسيبِ
نفَّر الحِلْمَ ثم ثنَّى فأمسى … خَبَّبَ العِرْسَ أيَّما تخبيب
شَعَرٌ ميتٌ لذي وَطَرٍ حيْ … يٍ كنارِ الحريق ذاتِ اللهيب
في قناعٍ من المشيبِ لَبيسٍ … ورداءٍ من الشباب قشيب
وأخو الشيب واللُّبانة في البِي … ض بحالٍ كقَتْلة التغبيب
مَعَهُ صبوة ُ الفتى وعليه … صَرْفة الشيخ فهْو في تعذيب
يُطَّبَى للصِّبا فيُدْعى مجيباً … وهو يدعو وما لَه من مجيب
ليس تنقادُ غادة ٌ لهواهُ … وهو ينقادُ كانقيادِ الجَنيب
ظلمتني الخطوبُ حتى كأني … ليس بيني وبينها من حَسيب
سلبتْني سوادَ رأسِي ولكن … عوّضتْني رياشَ كلِّ سليب
عوّضتني أخا المعالي عليّاً … عِوَضٌ فيه سلوة للحَريب
خُرَّمِيٌّ من الملوك أديبٌ … لم يزل ملجأً لكل أديب
يستغيثُ اللهيفُ منه بمدعوْ … وٍ لدى كل كَرْبة مستجيب
أَرْيَحيٌّ له إذا حَمَدَ الكزْ … زُ بَنانٌ تذوبُ للمستذيب
يتلقَّى المُدفَّعينَ عن الأب … بواب بالبشر منه والترحيب
لو أبى الراغبون يوماً نداهُ … لدعاهُمْ إليه بالترهيب
رُبَّ أُكرومة ٍ له لم تَخَلْها … قبلَهُ في الطباع والتركيب
غَرَّبتهُ الخلائقُ الزُّهْرُ في النا … س وما أوحشتْهُ بالتغريب
يَهَبُ النائلَ الجزيلَ مُعيراً … طَرفَهُ الأرضَ ناكتاً بالقضيب
يتَّقي نظرة المُدلِّ بجدوا … هُ ويَعْتَدُّها من التثريب
بعد بشرٍ مُبَشِّرٍ سائليه … بأمانٍ لهم من التخييب
حَبّبَتْ كفُّه السؤالَ إلى النا … س جميعاً وكان غير حبيب
ما سعى والسعاة ُ للمجد إلا … سبقَ المُحْضِرينَ بالتقريب
لو جرى والرياحُ شأْواً لأَضْحَى … جريُها عند جريه كالدَّبيب
من رآه رأى شواهد تُغْني … عن سماعِ الثناء والتجريب
فيه من وجهه دليلٌ عليه … مُخبِرٌ عن ضَريبة ٍ ذات طيب
حَكم اللهُ بالعلا لعَليٍّ … وبحق النجيب وابن النجيب
فَلْيمُتْ حاسدوهُ همّاً وغمّاً … ما لحُكْم الإله منْ تعقيب
جِذْلُ سلطانِه المحكَّك في الخَطْ … ب وعَذْقُ الجُناة ذو الترحيب
والنصيحُ الصريحُ نُصحاً إذا ما … جمعوا بين رائبٍ وحليب
والذي رأيُهُ لأسلحة الإب … طالِ مثلُ الصِّقال والتذريب
عنه تمضي ولو تعدّته أضحت … من كليلٍ مُفَلَّلٍ وخَشيب
مِدْرَهُ الدين والخلافة ذو النص … ح عن الحَوْزتين والتذبيب
فَلَّ بالحجة الخُصومَ وبالكي … د زُحوفَ العِدا ذوي التأليب
رُبَّ مَغنى ً لحزب إبليسَ أخلا … هُ فأمسى وما به مِنْ عَريبِ
دَمَّرتْ أهلَهُ مكائدُ كانت … لأُسودِ الطغاة ِ كالتقشيب
رتّبتهُ الملوكُ مرتبة َ المِدْ … رِه لا مُخطئينَ في الترتيب
قَيِّمٌ قوَّمَ الأمورَ فعادتْ … قيِّماتٍ به من التحنيب
واستنابَ الخطوب حتى أنابت … وبما لا تُنيبُ للمُستنيب
عندُهُ للثَّأَي طِبابٌ من التد … بير يَعْيَ به ذوو التطبيب
لَوْذعِيٌّ له فؤادٌ ذكي … ماله في ذكائه من ضَريب
يَقظٌ في الهَناتِ ذو حركات … لسكون القلوب ذاتِ الوجيب
ألمَعِيٌّ يرى بأولِ ظنٍّ … آخرَ الأمر من وراء المغيب
لا يُرَوِّي ولا يُقَلِّبُ كفاً … وأكُفُّ الرجالِ في تقليب
يُدرِكُ الطِّلْبَ بالبديهة دون ال … عَقْبِ قبل التصعيد والتصويب
حازمُ الرأي ليس عن طول تجري … بٍ لبيبٌ وليس عن تلبيب
وأريبٌ فإنْ مُرِيغو نَداه … خادَعُوه رأيتَ غيرَ أريب
يتغابَى لهم وليس لمُوقٍ … بل لِلُبٍّ يفوقُ لبَّ اللبيب
ثابتُ الحالِ في الزلازل مُنْها … لٌ لسُؤّالهِ انهيالَ الكثيب
ليِّنٌ عِطفُه فإنْ رِيمَ منه … مَكْسَر العود كان جِدَّ صليب
مَفْزعٌ للرُّعاة ِ مرعى ً خصيبٌ … لرعاياهُمُ وفوقَ الخصيبِ
في حِجاهُ وفي نداهُ أمانَا … نِ من الخوف والزمانِ الجديب
فحِجاهُ لكل يومٍ عصيبٍ … ونداهُ لكل عام شَصيب
أحسنتْ وصفَهُ مساعيهِ حتى … أفحمتْ كلَّ شاعرٍ وخطيب
بل حَذَوا حَذْوَها فراحوا يريحو … ن من القولِ كلَّ معنى غريب
قد بلونا خلاله فَحمِدْنا … غَيْبَها حمدَ ذائقٍ مُستطيب
فانتجعنا به الحيا غَير ذي الإقْ … لاعِ والبحرَ غيرَ ذي التنضيب
ما زجرنا وقد صرفنا إليه … أوجُهَ العِيسِ بارحاً ذا نعيب
يَمَّمَتْهُ بنا المطايا فأفْضَتْ … من فضاءٍ إلى فضاءٍ رحيب
خُلْقٌ منه واسعٌ وفِناءٌ … لم يَرُعْها به هديرٌ كليب
طاب لليَعْملاتِ إذ يَمَّمتْهُ … وصْلُهُنَّ البكورَ بالتأويب
لم يكن خَفْضُها أحبَّ إليها … من رسيم إليه بعد خبيب
ثِقة ً إنَّهُنَّ يلقينَ مرعى ً … فيه نَيٌّ لكل نِضْوٍ شَزيب
أيُّهذا المُهيبُ بي وبشعري … لستُ ممن يُجيب كل مُهيب
رفعَ الله رغبتي عن عطايا … كَ وما لِلعُقاب والعندليب
ثَوَّبَتْ بي إلى عليِّ معالي … هِ فلبَّيتُ أوّل التثويب
مَاجِدٌ حاربَ الحوادثَ دوني … بنَدى حاتمٍ وبأسِ شَبيبِ
ليَ في جاههِ مآربُ كانت … لابنِ عمرانَ في عصاهُ الشعيبِ
وإذا حزَّ لي منَ المال عُضْواً … أرَّب العضوَ أيَّما تأريب
أصبح الباذلَ المسبِّبَ لا زا … ل مَليّاً بالبذلِ والتسبيب
ساجلَتْ جاهَهُ سحائبُ عُرفٍ … من يَمينَيْهِ دائماتُ الصَّبيب
قلت إذ جاد باللُّهى قبل سَعْي … صادقٍ منه غير ذي تكذيب
يا رِشاءً تَخْضَلُّ منه يد الما … تحِ قبل انغماسِهِ في القليب
بَضَّ لي من نداكَ قبل استقائي … بكَ رِيِّي وفَضْلَة ٌ للشريب
ذاك شيءٌ من الرِّشاءِ غريبٌ … يا ابنَ يحيى ومنك غيرُ غريب
ما أُراني إذا خبطتُ بدَلْوي … جُمَّة َ الماءِ بالقليل النصيب
لا لَعَمْري وكيف ذاك وقبل ال … متْحِ روَّيْتَني بسَجْلٍ رغيب
بل أُراني هناك لا شك أغدو … ويَدي منكَ ذاتُ بطنٍ عشيب
بأبي أنتَ من جليلٍ مَهيبٍ … مَطْلِبُ العُرْفِ منه غيرُ مهيب
طنَّبَ المجدَ بالمكارم والبي … تَ بنصبِ العماد والتطنيب
من يُلَقَّبْ فإن أسماءك الأس … ماءُ يشغلنَ موضعَ التلقيب
من جوادٍ وماجدٍ وكريمٍ … وزعيمٍ وسيدٍ ونقيب
تَبَّ من يرتجي لَحَاقك في المج … دِ وما مُرتجيكَ في تتبيب
أعجز الطالبيكَ شأوٌ بعيدٌ … لكَ أدركْتَهُ بعُرفٍ قريب
هاكها مِدحة ً يُغنَّي بها الرُّكْ … بانُ ما أرزمَتْ روائمُ نيبِ
نَظمَ الفكرُ دُرهَّا غير مثقو … بٍ إذا الدُّر شِينَ بالتشعيب
لم يَعِبْها سوى قوافٍ تشاغل … نَ عن المدح فيك بالتشبيب
ولراجيكَ قبلها كلماتٌ … هُذِّبتْ فيك أَيَّما تهذيب
يُطرِبُ السامعينَ أيسرُ ما في … ها وإن أنشدت بلا تطريب
سَوَّدتْ فيك كلَّ بيضاء تسوي … داً تراه العقولُ كالتذهيب
لو يُناغِي بَيانُها العُجْمَ يوماً … عرَّبَ العُجمَ أيَّما تعريب
وهْي مما أفاد تأديبُك الفا … ضلُ واهاً لذاك من تأديب
كم ثواب أَثَبْتَنيه عليها … كنتَ أولى به من المستثيب
مُنعِماً نُعْمَيَيْنِ نُعمى مفيد … أدباً نافعاً ونُعمى مثيب
منك جاءت إليك يحدو بها الوُدْ … دُعلى رغبة ٍ بلا ترغيب