سَلا دارَها أنْ أنبأ الطَّللُ القفرُ … أجادَ فروَّاها سِوى أدمعي قطرُ
وهل أوْقدَ السَّارون ناراً بأرضها … فكان لها الاَّ لظى كَبِدي جَمرُ
وما شغفي بالدار أبكي رسومها … وأندبها لولا الصبابة والذكر
ذكرتُ بها أيَّامَ جُملٍ وعهدُها … جميلٌ وفنيانُ الصِّبا مُونقٌ نَضْرُ
إذ العيشُ صَفوٌ والحبائبُ جيرة ٌ … وروض الهوى غضٌ حدائقه خضر
أميسُ ارتياحاً في بُلهنية الصِّبا … تعانقني شمسٌ ويلثمني بدرُ
وغيداء من عليا لؤي بن غالبٍ … حمتها المواضي والمثقفة السمر
وأقسم لو لم تحمها البيض والقنا … لأغنى غناها الخنزوانة والكبر
هي الظبية الأدماء لولا قوامها … وشمسُ الضُّحى لولا المباسمُ والثغرُ
تطاول زهر الأفق أزهار نعتها … ويستنزلُ الشِّعرى لأوصافها الشعرُ
أطعتُ هَواها ما استطعتُ ولم يكن … لغير الهوى نهيٌ عليَّ ولا أمرُ
لقد ضلَّ مشغوفُ الفؤاد بغادة ٍ … معد ابن عدنانٍ ابن أدٍ لها نجر
إذا نُثِرت يوماً كِنانة ُ ناظرٍ … لعاشقها ثارت كنانة والنضر
يَغارون أن يَهوى فَتاهم فتاتَهم … وهلْ في هوى خلٍّ لخلَّته نُكرُ
وما ضرَّهم لو لُفَّ شَملي بشَملها … وقد لفت الأعراق ما بيننا فهر
إلى الله من حُبِّي فتاة ً منيعة ً … وفائي لها ما بين أقوامها غدرُ
تُطِلُّ دماءَ العاشقين لعلمها … بأنَّ دماءَ العاشقين لها هَدرُ
كأنَّ لها وتراً على كلِّ عاشقٍ … وقد أقسمت أن لا ينامَ لها وترُ
أعاذل مهلاً غير سمعي للائمٍ … فقد ظهر المكنون واتضح العذر
لعمري لقد حاولت نصحي وإنما … بسمعي عما أنت مسمعه وقر
وقبلك لام اللائمون فلم يكن … لهم عند أهل العشق حمدٌ ولا أجرُ
ومن قبل ما لج المحبون في الهوى … وما جهلوا أن الهوى مركبٌ وعر
وأمسَوا يرومون الوصال فأصبحوا … وأيديهم مما يرومونه صفر
وما نَكِرَ العشَّاق هَجراً ولا قِلى ً … فما طاب وصلٌ قطُّ لو لم يكن هَجرُ
وإنِّي على ما بي من الوجدِ والأسى … لذو مِرَّة لا يستفزُّني الدَّهرُ
أرى الصبر مثل الشهد طعماً إذا عرت … ملماته والصبر مثل اسمه صبر
وإني من القوم الألى شيدوا العلى … إذا نقموا ضروا وإن نعموا بروا
وإن وعدوا أوفوا وإن أوعدوا عفوا … وإن غضبوا ساؤا وإن حلموا سروا
هُمُ سادة ُ الدنيا وساسة ُ أهلها … وهم غررُ العَليا وانجمُها الزُّهرُ
بنو هاشم رهط النبي محمدٍ … به لهم دون الورى وجَبَ الفخرُ
هُمُ أصلُه الزاكي ومحتدُه الذي … زكا فزكا فرعٌ له وذكا نشرُ
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه … ويطلع إلا في حدائقه الزهر
ألا أيها الساعي ليدرك شأوهم … رويدَك لا تجهَدْ فقد قُضيَ الأمرُ
وإن كنت في شكٍ مريبٍ فسل بهم … خبيراً فعنهم صدَّق الخَبَر الخُبْرُ
وقد ينكر الصبح المنير أخو عمى ً … وإلاَّ فما بالصُّبح عن ناظرٍ سَتْرُ
إذا عد منهم أحمدٌ وابن عمه … وعمَّاهُ وابناهُ وبَضعَتُهُ الطُّهُر
وعترته الغر الهداة ومن لهم … مناقب لا تفنى وإن فني الدهر
فقد أحرزوا دون الأنام مفاخراً … تضيق لأدناها البسيطة ُ والبحرُ
أولئك آبائي فجئني بمثلهم … إذا جمع الأقيالَ أندية ٌ زُهرُ
عليهم صلاة الله ما ذر شارقٌ … وما لاح في الآفاق من نورهم فجر