سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً … تضَّوع كافوراً من الخلد ساريا
يطيب ثرى بردينَ من نفح طيبه … كأن ثرى بردينَ مسّ الغواليا
فيا لَكَ غِمداً من صَفيحٍ وجَنْدَلٍ … حوَى السيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانيا
وكنا استلَلْنا في النوائب غَرْبَهُ … فلم يلفَ هيّاباً، ولم يلف نابيا
إذا اهتزَّ دونَ الحقِّ يَحمي حِياضَه … تأَخَّر عنها باطلُ القومِ ظاميا
طوتهُ يدٌ للموت، لا الجاهُ عاصماً … إذا بطشتْ يوماً، ولا المالُ فاديا
تنالُ صبا الأعمار عند رفيقه … وعندَ جفوفِ العودِ في السنِّ ذاويا
وبعضُ المنايا تُنْزلُ الشَّهْدَ في الثرى … ويحططنَ في الترب الجبالَ الرواسيا
يقولو: يرثي الراحلين، فويحهم … أأملتُ عندَ الراحلين الجوازيا؟
أبوا حسداً أن أجعل الحيَّ أسوة ً … لهم، ومثالاً قد يصادفُ حاذيا
فلمّا رثيتُ الميتَ أقضي حقوقه … وجدتُ حسوداً للرُّفاتِ وشانيا
إذا أَنت لم ترْعَ العهودَ لهالكٍ … فلستَ لحيٍّ حافظَ العهد راعيا
فلا يطوين الموتُ عهدك من أخٍ … وهبهُ بوادٍ غيرِ واديك نائيا
أَقام بأَرضٍ أَنت لاقِيه عندَها … وإن بتما تستبعدان التلاقيا
رَثيْتُ حياة ً بالثناءِ خليقة ً … وخليتُ عهداً بالمفاخر حاليا
وعزَّيْتُ بيتاً قد تبارَتْ سماؤُه … مشايخَ أقماراًن ومرداً دراريا
إلى الله إسماعيلُ وانزِلْ بساحة ٍ … أظلَّ الندى أقطارها والنواحيا
تَرَى الرحمة َ الكبرى وراءَ سمائها … تَلُفُّ التُّقى في سَيْبِها والمَعاصيا
لدى ملكٍ لا يمنع الظلَّ لائذاً … ولا الصفحَ تواباً، ولا العفوَ راجيا
وأقسمُ كنتَ المرءَ لم ينسَ دينه … ولم تلههِ دنياؤه وهيَ ماهيا
وكنتَ إذا الحاجاتُ عزَّ قضاؤها … لحاجِ اليتامى والأَراملِ قاضيا
وكنتَ تُصلِّي بالملوكِ جماعة ً … وكنت تقوم الليلَ بالنفس خاليا
ومَن يُعْطَ من جاهِ الملوك وَسِيلة ً … فلا يصنع الخيراتِ، لم يعطَ غاليا
وكنتَ الجريءَ النَّدْبَ في كلِّ موقفٍ … تلفَّتَ فيه الحقُّ لم يَلْقَ حاميا
بصرتُ بأخلاقِ الرجالِ فلم أجدْ … ـ وإن جَلَت الأَخلاقُ ـ للعزم ثانيا
من العزمِ ما يُحيي فُحولاً كثيرة ً … وقدَّمَ كافورَ الخَصِيّ الطَّواشِيا
وما حطَّ مِنْ رَبِّ القصائد مادحاً … وأنزله عن رتبة ِ الشعر هاجيا
فليس البيانُ الهجوَ إن كنت ساخطاً … ولا هو زُورُ المدحِ إن كنتَ راضيا
ولكنْ هدى الله الكريمِ ووحيه … حَملتَ به المصباحَ في الناسِ هادِيا
تُفيض على الأَحياءِ نوراً، وتارة ً … تضيءُ على الموتى الرَّجامَ الدَّواجيا
هياكلُ تفنى ، والبيانُ مخلدٌ … أَلا إنّ عِتْقَ الخمرِ يُنْسِي الأَوانيا
ذهبْت أَبا عبدِ الحميدِ مُبَرَّءاً … من الذَّام، محمودَ الجوانبِ، زاكيا
قليلَ المساوي في زمانٍ يرى العلا … ذُنوباً، وناسٍ يَخْلُقون المساويا
طوَيناك كالماضي تَلقَّاه غِمدُه … فلم تسترح حتى نشرناك ماضيا
فكنتَ على الأَفواه سيرة َ مُجمِلٍ … وكنت حديثاً في المسامع عاليا
وفيتَ لمن أدناكَ في الملك حقبة ً … فكانَ عجيباً أَن يَرى الناسُ وافيا
أَثاروا على آثار مَوْتِكَ ضَجّة ً … وهاجُوا لنا الذكرى ، وَردُّوا اللياليا
ومن سابقَ التاريخَ لم يأمن الهوى … مُلِجّاً، ولم يَسلَم منَ الحِقْدِ نازيا
إذا وضعَ الأحياءُ تاريخَ جيلهم … عَرفتَ المُلاحي مِنهمُ، والمُحابيا
إذا سلم الدستور هان الذي مضى … وهان من الأحداثِ ما كان آتيا
أَلا كلُّ ذَنْب لِليالي لأَجله … سدلنا عليه صفحنا والتناسيا