خلقنا للحياة ِ وللمماتِ … ومن هذين كلُّ الحادثاتِ
ومنْ يولدْ يعش ويمتْ كأن لمْ … يَمُرّ خيالُهُ بالكائنات
ومَهْدُ المرءِ في أَيدي الروَاقي … كنعش المرءِ بينَ النائحات
وما سَلِمَ الوليدُ من اشْتكاء … فهل يخلو المعمَّرُ من أَذاة ؟
هي الدنيا، قتالٌ نحن فيه … مقاصدُ للحُسام وللقَناة
وكلُّ الناس مدفوعٌ إليه … كما دفعَ الجبانُ إلى الثباتِ
نروَّعُ ما نروَّعُ، ثم نرمى … بسهمٍ من يدِ المقدورِ آتي
صلاة ُ الله يا تمزارُ تجزِي … ثَراكِ عن التِّلاوة ِ والصَّلاة
وعن تسعين عاماً كنتِ فيها … مثالَ المحسناتِ الفصليات
بَررتِ المؤمناتِ، فقال كلٌّ: … لعلكِ أنتِ أمُّ المؤمنات
وكانت في الفضائل باقياتٌ … وأَنتِ اليومَ كلُّ الباقيات
تبنَّاكِ الملوكُ، وكنتِ منهم … بمنزلة البنين أو البنات
يظلُّون المناقبَ منكِ شتَّى … ويُؤوُونَ التُّقَى والصالحات
وما ملكوكِ في سوقٍ، ولكنْ … لدى ظلِّ القنا والمرهفات
عَنَنْتِ لهم بمُورَة َ بنتَ عشرٍ … وسيفُ الموتِ في هام الكُمَاة ِ
فكنتِ لهم وللرّحمن صيداً … وواسطة ً لِعقْدِ المسلمات
تبعتِ محمداً من بعد عيسى … لخيركِ في سنيكِ الأُولَيات
فكان الوالدان هدى وتقوى … وكان الولدُ هذي المعجزات
ولو لم تَظْهري في العُرْبِ إلاّ … بأحمدَ كنتِ خيرَ الوالدات
تجاوزتِ الولائدَ فاخراتٍ … إلى فخر القبائل واللغات
وأَصْوَنِ صائنٍ لأَخيه عِرْضاً … وأحفظِ حافظٍ عهدَ اللدات
وأَقتلِ قاتلٍ للدَّهرِ خُبْراً … وأَصْبَرِ صابرٍ للغاشيات
كأني والزمانُ على قتالٍ … مُساجلة ً بميدان الحياة
أخاف إذا تثاقلت الليالي … وأشفق من خفوف النائبات
وليس بنافعي حذري، ولكنْ … إباءً أَن أَراها باغِتات
أَمأْمونٌ من الفَلَكِ العوادي … وبرجلُهُ يَخُطُّ الدائرات؟
تأَمَّلْ: هل ترى إلا شِباكاً … من الأَيام حَوْلَكَ مُلْقَيات؟
ولو أن الجهاتِ خلقن سبعاً … لكان الموتُ سابعة َ الجهات
لعاً للنعش، لا حبُّاً، ولكنْ … لأَجْلِكِ يا سماءَ المَكْرُمات
ولا خانته أَيدي حامِليه … وإن ساروا بصبري والأناة
فلم أرَ قبله المريخَ ملقى … ولم أسمع بدفن النيرات
هناكَ وقفتُ أسألكِ إتئاداً … وأُمسِكُ بالصفات وبالصّفاة
وأنظرُ في ترابكِ، ثم أغضي … كما يُغضِي الأَبِيُّ على القَذاة
وأَذكر من حياتِك ما تقضَّى … فكان من الغداة إلى الغداة