حَلّتْ ضُبَيْرَة ُ أمْواهَ العِدادِ، وقدْ … كانتْ تحلّ وأدنى دارِها ثُكُدُ
وأقفَرَ اليَومَ مِمّنْ حَلَّهُ الثَّمَدُ … فالشُّعْبتانِ، فذاكَ الأبرَقُ الفَرَدُ
وبالصريمة منها منزلٌ خلقٌ … عافٍ تغيرَ، إلا النؤي والوتدُ
دارٌ لِبَهْنانة ٍ، شَطَّ المَزارُ بها … وحالَ مِنْ دونِها الأعْداءُ والرَّصَدُ
بَكْرِيَة ٌ، لمْ تَكُنْ داري بها أَممَاً … ولا ضُبَيْرَة ُ مِمّنْ تَيّمَتْ صَدَدُ
يا لَيْتَ أُخْتَ بني دُبّ يَريعُ بها … صَرْفُ النّوى ، فينامَ العائِرُ السَّهِدُ
أمستْ مناها بأرضٍ ما تبلغها … بصاحبِ الهمّ، إلاَّ الجَسْرَة ُ الأُجُدُ
إذا اليَعافيرُ في أطْلالها لجأتْ … لم تستطعْ شأوها المقصومة ُ الحردُ
كأنها واضحُ الأقرابِ، أفزعهُ … غضفٌ نواحلُ في أعناقها القدِدُ
ذادَ الضراءَ بروقيهِ، وكرَّ كما … ذادَ الكتيبة َ عنهُ الرامِحُ النجُدُ
أوْ قارِبٌ بالعُرى هاجَتْ مَراتِعُهُ … وخانهُ موثقُ الغدرانِ والثمدُ
رَعى عُنازَة َ حتى صَرَّ جُندُبُها … وذَعْذَعَ الماءَ يَومٌ صاخِدٌ يَقِدُ
في ذبلِ كقداحِ النبلِ يعذمُها … حتى تنوسيتِ الأضغانُ واللَّددُ
يَشُلُّهُنَّ بشَدٍ ما يقومُ لَهُ … مِنْها مَتَابِيعُ أفلاء ولا جُدُدُ
حتى تأوَّبَ عَيْناً ما يَزالُ بها … مِنَ الأخاضِرِ، أوْ مِنْ راسِبٍ رَصَدُ
دُسْمُ العمائِمِ، مُسْحٌ، لا لحومَ لهمْ … إذا أحسوا بشخصِ نابئ لبدوا
على شرائعها غرثانُ، مرتقبُ … إبصارها، خائفٌ إدبارَها، كمدُ
حتى إذا أمْكنَتْهُ مِنْ مَقاتِلها … وَهْوَ بنَبعيْة ٍ زَوْراءَ مُتّئِدُ
أهوى لها معبلاً مثلَ الشهابِ فلمْ … يُقْصِدْ، وقدْ كاد يَلقى حتفَهُ العَضِدُ
أدبرنَ منهُ عجالاً وقعُ أكرعها … كما تساقطَ، تحتَ الغَبْيَة ِ، البرَدُ
يا بنَ القَرِيعَينِ، لَولا أنَّ سَيبَهُمُ … قدْ عمني لم يجبني داعياً أحدُ
أنتمْ تداركتموني بعدما زلقتْ … نعلي وأحرجُ عنْ أنيابهِ الأسدُ
ومِنْ مؤدِّئة ٍ أُخْرى تَداركَني … مثلُ الرديني لا واهٍ ولا أودُ
نِعْمَ الخُؤولَة ُ مِنْ كَلْبٍ خُؤولتُهُ … ونِعْمَ ما وَلَدَ الأقوامُ، إذْ وَلدُوا
بازٍ، تظلُّ عتاقُ الطيرِ خاشعة ً … مِنْهُ، وتَمْتَصِعُ الكِرْوانُ واللُّبَدُ
ترى الوفودَ إلى جزلٍ مواهِبُهُ … إذا ابتغوهُ لأمرٍ صالحٍ، وجدُوا
إذا عَثَرْتُ أتاني مِنْ فواضِلِهِ … سيبٌ تسنى به الأغلالُ والعقدُ
لا يُسْمَعُ الجهْلُ يَجْري في نَدِيِّهِمِ … ولا أُميّة ُ في أخلاقِها الفَنَدُ
تَمّتْ جُدودُهمُ، واللَّهُ فضَّلَهُمْ … وجدّ قومٍ سواهمْ خاملٌ، نكِدُ
هُمُ الذينَ أجابَ اللَّهُ دعوَتَهُمُ … لما تلاقت نواصي الخيلُ، فاجتلدُوا
لَيسَتْ تنالُ أكُفُّ النّاسِ بَسطتَهُمْ … وليسَ ينقضُ مكرُ الناس ما عقدوا
قومٌ، إذا أنعموا كانت فواضلهمْ … سيباً من اللهِ، لا من ولا حسدُ
لقد نزلتْ بعبدِ الله منزلة … فيها عن الفقرِ منجاة ٌ ومنتقدُ
كأنه مزبدٌ ريانُ، منتجعٌ … يعلو الجزائرَ، في حافاتهِ الزبدُ
حتى تَرى كُلَّ مُزْوَرّ أضَرَّ بِهِ … كأنّما الشّجَرُ البالي بِهِ بُجُدُ
تظلُّ فيهِ بنات الماء أنجية ً … وفي جَوانِبِهِ اليَنْبُوتُ والحَصَدُ
سهلُ الشرائعِ تروى الحائماتُ به … إذا العِطاشُ رَأوْا أوْضاحَهُ وَرَدُوا
وأمتعَ الله بالقومِ الذين همُ … فكوا الأسارى ومنهمْ جاءنا الصفدُ
ويومَ شرطة ِ قيسٍ إذا منيتَ لهُمْ … حنتْ مشاكيلُ منْ إيقاعِكُم نكدُ
ظلّوا، وظلَّ سحابُ الموتِ يُمْطُرُهمْ … حتى توجه منهمْ عارضٌ بردُ
والمَشْرَفيّة ُ أشْباهُ البُرُوقِ، لها … في كلّ جُمْجُمة ٍ أوْ بَيْضَة ٍ خُدَدُ
ويومَ صفينَ، والأبصارُ خاشعة ٌ … أمدَّهمْ، إذْ دَعَوا، مِنْ ربّهم مَددُ
على الأولى قَتلوا عُثمانَ، مَظْلِمَة ً … لم ينههمْ نشدّ عنهُ، وقد نُشدوا
فثمَّ قرتْ عيونُ الثائرينَ بهِ … وأدْركوا كُلَّ تَبْلٍ عِنْدَهُ قَوَدُ
فلَمْ تَزَلْ فَيْلَقٌ خَضْراءُ تحْطِمهم … تنعى ابن عفانَ، حتى أفرخَ الصيدُ
وأنتم أهلُ بيتٍ، لا يوازنُهمْ … بيتٌ، إذا عدتِ الأحسابُ والعَددُ
أيديكُمُ، فَوقَ أيدي النّاسِ، فاضِلة ٌ … فَلَنْ يُوازِنَكُمْ شِيبٌ ولا مُرُدُ
لا يَزْمهِرُّ، غَداة َ الدَّجْنِ، حاجبُهُم … ولا أضِنّاءُ بالمِقْرَى ، وإنْ ثَمِدوا
قومٌ إذا ضنَّ أقوامٌ ذوو سعة ٍ … وحاذَرُوا حَضرة العافينَ أوْ جَحِدوا
بارَوا جمادى بشيزاهمْ مكللَة … فيها خَليطانِ واري الشّحْمِ والكبِدُ
المطعمون: إذا هبتْ شآمية ٌ … غَبراءُ يُجْحَرُ، مِن شَفّانها، الصَّرِدُ
وإن سالتَ قريشاً عنْ ذوائبها … فهمْ أوائلُها الأعْلونَ والسندُ
ولوْ يجمعُ رفدُ الناسِ كلهمِ … لمْ يَرْفِدِ النّاسُ إلاَّ دونَ ما رَفدوا
والمسلمون بخيرٍ ما بقيتْ لهمْ … ولَيْسَ بَعْدَكَ خيرٌ حينَ تُفْتقَدُ