حَدِيثُ غَرَامِي في هَوَاكَ قديمُ … وفرطُ عذابِي في هواكَ نَعيمُ
بِمَت شِئْتَ عَذِّبْ غَيرَ سُخْطِكَ إنَّهُ … ـ وَصدِّق ولائي في هَوَاكَ ـ أليمُ
تُمَثِّلُكَ الأشواقُ وهماً لخاطِري … فَيُدْرِكُني بالخَوْفِ مِنْكَ وُجُومُ
وتقنعُ منك الرُوحُ لمحَ توَهُّمٍ … فَتَحْيَا بِهَا الأَعْضَاءُ وَهْيَ رَمِيمُ
هنيئاً لطرفٍ فيكَ لا يعرِفُ الكَرى … وَتَبّاً لِقَلْبٍ فيكَ لَيْسَ يَهيمُ
ولمَّا جَلاكَ الفِكْرُـ يا غَاية َ المُنَى ـ … فظلَّ بقلبِي مُقْعِدٌ ومُقيمُ
وَمَا الكَوْنُ إلا صُورة ً أنْتَ رُوحُها … وجِسْمٌ بغيرِ الرُّوحِ كيفَ يقُومُ
تَوَّهَم صَحْبي أَنَّ بِي مَسُّ جِنَّة ٍ … وأنكر حَالي صَاحِبٌ وَحَميمُ
فَبُحْتُ بِما ألقاهُ مِنْكَ مُصَرِّحاً … وَمَا نالَ لَذّاتِ الغَرامِ كتُومُ
أغصنَ النَقا إنّي أغارُ إذَا غَدَا … يُلاعِبُ عِطفيكَ الرّشاقَ نَسِيمُ
ولَمَا بَدَتْ في طَوْرِ خَدِّكَ جَذْوة ٌ … ولاحتْ لِقَلبي عَادَ وَهُوَ كَليمٌ
يَلذُّ لِقَلبي في هَوَاكَ عَذابُهُ … وَلِمْ لا وبالأَحوالِ أَنْتَ عليمُ
يميناً بأصواتِ الحَجيجِ على مِنى ً … وَصَحْبٍ لَهُمْ بالمأْزمين زَميمُ
لأَنْتَ وإنْ أَصْبَحْتَ بالوَصْلِ باخِلاً … عليَّ احْتِقاراً بي لَديَّ كَرِيمُ
ويا شرفي لمَّا غَدَوتَ وللهوى … عَلى جَسَدِي المُضْنى النَّحيل رُسُومُ
وَيَا سائِقاً يُضنِي الرّكائِبَ طلَّحاً … لَهَا في الرُّسوم المُقفراتِ رَسيمُ
إذَا عَايَنَتْ عَيْنَاكَ بارِقَ أَبْرَقٍ … يَلُوحُ كَمَا في الأُفُقِ لاح نُجُومُ
وَبَاحَتْ بأسرارِ الرُّبَا نَسْمَة ُ الصَّبا … وَعطَّر أقطارَ القفارِ شَميمُ
وَعَايَنْتَ سَلْعاً قِفْ وسائِلْ أَحِبَّتِي … فهَذا الذي أصبحتُ مِنكَ أرومُ
فثمَّ رَشاً شوقي إليه مُبَرِّحٌ … وَريم فُؤادي عنهُ ليسَ يَريمُ
أَغَالِطُ عَنْهُ بالكلامُ مُجالِيسي … وَفي القَلب مِن ذِكري سِواه كُلُومُ
لَهُ مِنْ سُوَيداءِ الفؤَادِ مَعاهِدٌ … وبَينَ سَوادِ المُقْلَتَيْنِ رُسُومُ
وقل يا غريب الحُسنِ رِقّ لِنازِحٍ … غَريبٍ لَهُ قَلْبٌ لَدَيكَ مُقيمُ
تَرحَّلَ عنهُ مُذْ تَرَحَّلتَ نافِراً … فليس لهُ حتى القُدوم قُدومُ
عَلَيْكَ سَلامٌ مِنْ كَئيبٍ مُتيَّمٍ … تَظَلُّ سليماً وهو مِنْكَ سَليمُ