حنينٌ إِلى الأوطانِ ليس يزولُ … وقلبٌ عن الأشواقِ ليسَ يحولُ
أبيتُ وأسرابِ النجومُ كأنها … قُفولٌ تَهادى إِثرَهنَّ قُفولُ
أراقبها في الليلِ من كل مطلعٍ … كأني برعي السائراتِ كفيلُ
فيا لكَ من ليلٍ نأى عن صحبهِ … فليس له فجرٌ إِليه يَؤول
أما لعُقودِ النجمِ فيه تصرُّمٌ … أما لخضابِ الليلِ فيه نُصولُ
كأنَّ الثريَّا غرة ٌ وهو أدهمٌ … له من وميض الشِّعَريين حُجولُ
ألا ليتَ شعري هل أبيتنَّ ليلة ً … وظِلُّكِ يا مَقْرى عليَّ ظليلُ
وهل أريني بعدما شطتْ النوى … ولي في رُبى روضٍ هناك مَقيلُ
دمشقُ فبي شوقٌ إليها مبرّحٌ … وإِنْ لجَّ واشٍ أو ألحَّ عذولُ
ديارٌ بها الحصباءُ درٌ وتُربها … عَبِيرٌ وأنفاسُ الشمالِ شَمولُ
تسلسلَ فيها ماؤها وهو مطلقٌ … وصحَّ نسيمُ الرَّوضِ وهو عليلُ
فيا حبذا الروضُ الذي دونَ عزَّتا … سحيراً إذا هبتْ عليهِ قبولُ
ويا حبذا الوادي إذا ما تدَّفقتْ … جداولُ باناسٍ إِليه تسيلُ
وفي كبدي من قاسيونَ حزازة ٌ … تزولُ رواسيه وليس تزولُ
إِذا لاحَ برقٌ من سَنير تدافقتْ … لسحب جفوني في الخدودِ سيولُ
فللهِ أيامي وغصنُ الصِبا بها … وريقٌ وإذوجهُ الزمانِ صقيلُ
هيَ الغرضُ الأقصى وإنْ لم يكنْ بها … صديقٌ ولم يُصفِ الوِداد خليلُ
وكم قائلٍ في الأرضِ للحرِّ مذهبٌ … إِذا جارَ دهرٌ واستحالَ مَلولُ
وما نافعي أنَّ المياهَ سوائحٌ … عِذابٌ ولم يُنقعْ بهن غَليلُ
فقَدتُ الصِبا والأهلَ والدارَ والهوى … فللهِ صبري إنّهُ لجميلُ
وواللّهِ ما فارقتُها عن مَلالة ٍ … سِواي عن العهدِ القديمِ يَحولُ
ولكن أَبتْ أن تحملَ الضيمَ همتي … ونفسٌ لها فوق السِماك حُلولُ
فإِنَّ الفتى يلقى المنايا مكرَّماً … ويكرهُ طولَ العمرِ وهو ذليلُ
تعافُ الورودَ الحائماتُ مع القذى … وللقيظِ في أكبادهنَّ صليلُ
كذلكَ ألقى ابنُ الأشجِّ بنفسهِ … ولم يرضَ عمراً في الإسار يطولُ
سألثمُ إِن وافيتُها ذلك الثرى … وهيهاتَ حالتْ دونَ ذاكَ حؤولُ
وملتطمُ الأمواجِ جونُ كأنّهُ … دُجى الليلِ نائي الشاطئَينِ مَهولُ
يعاندني صرفُ الزمانِ كأنّما … عليَّ لأحداثِ الزمانِ ذحولُ
على أنني والحمدُ للّه لم أزلْ … أَصولُ على أحداثه وأَطولُ
أيعثُر بي دهري على ما يسوءُني … ولي في ذَرا الملك العزيزِ مَقيلُ
وكيف أخافُ الفقر أو أُحرمُ الغنى … ورأيُ ظهيرِ الدينِ فيَّ جميلُ
من القومِ أمَّا أحنفٌ فمسفَّهٌ … لديهم وأمَّا حاتمٌ فبخيلُ
فتى المجدِ أما جارُه فممَّنعٌ … عزيزٌ وأمَّا ضدُّهُ فذليلُ
وأمَّا عطايا كفهِ فسوابغٌ … عِذابٌ وأمَّا ظِلُّهُ فظليلُ