بم أستَهِلُّ بِموته ورثائِهِ ؟ … أم قبل ذاك بعُرسه وهنائِهِ
عيَّ اللسانُ فان سمِعتَ بِمِقول … فاعلم بأني لستُ من أكفائه
هو موقفٌ ما بين قلبي والأسى … جَلّى ، فكان الصبرُ من شهدائه
سكن الثرى من كان لا يطِأ الثرى … وهوى اليه وكان في جوزائه
ولقد خشِيتُ عليه من نَفسَ الصَّبا … أسفاً لواهُ الموت في نكبائه
نجم هوى من أُفقه فتناقصت … ولتشهدنَّ عليه شُهْبُ سمائه
من كان يفترش الجْفُون وطاؤه … قد وسدته الترب غيرَ وِطائه
بشرى أبيكَ وبورك العُرسُ الذي … زفوك فيه الى ثرى بَوغْائِه
ما الموت أطبقَ ناظريكَ وإنما … رق الصَّبا فكَرعْتَ من صهبائه
امجانباً عرض البسيط أعيذه … من ان يَضيقَ عليك رحبٌ فضائه
لكن رأى زمراً تمور وعالماً … خلط الظلال هديره بِرُغائه
فطواك في أحشائه متخوفاً … من أن يضيع الدُّر في حصبائه
هذا الربيع – وأنت من أزهاره … يَبكيك طيبَ أريجه وهوائه
أسفاً فلا روضُ الحمى زاهٍ ولا … نُوارُه متفتحٌ بشذائه
ما اهتز نعشك يوم صفف عوده … الا لأنك كنت من خطبائه
يَبكيك مِنْبَرُكَ الرفيعُ وإنما … يبكى لفقد وقاره وعلائه
قد كان يأمُل أن يبلغ مُنيةٍ … حتى يراك وأنت من بلغائه
لا توقظوه بالدموع فربّما … أغفى لطول سُهاده وعنائه
ولقد خشِيتُ عليه قبلَ حِمامه … أن سوف يُحرِقُه لهيبُ ذكائه
غصْن لوته الحادثات فلم يُطِق … دفعاً لها فذوى بخضرة مائه
جاذبنه فضل الحياة فقصّرت … منه وما قصُرت فضول رادئه
قالوا أأعوزه الدواء جهالةً … ولربما مات الفتى بدوائه
يا أيها ” السلك ” المبلغ نعيَهُ … هلاّ حملتَ لنا حديث لقائه
ركب تحمل والحِمامُ يسوقه … عَجِلاً ووقعُ البرق صوتُ حُدائه
قلت : البشارةُ بالقدوم ، فهذه … أوتارهُ هزِجت بلحن غنائه
فإذا على أسلاكه مهزوزةً … نبأ يرِن الحزن في أثنائه
عجباً له خِلو الحشا من لوعة … وجليلُ رزء الموت في أحشائه
قاسٍ تحمل وقع كل عظيمة … جللٍ تحطُ البدر في عليائه
كالعود في أهزاجه ، والسهم في … إصماته ، والطَرفِ في إيمائه
متملكٌ سمعَ المُلوك وإنما … يروي فصيح القول في فأفائه
لا يستكنُّ السرُّ بين ضلوعه … وتراه محموداً على إفشائه
تتراجع الأفكار رازحةََ الخطى … ما بين عودته الى إبدائه
ما كنت أعلم ” والغريُّ ” مَحِلّةٌ … لك أن ستقضي في ربى ” فيحائه “
كنت الهلال تنقلاً وقد ارتدى … ثوب المِحاق رعايةً لاخائه
لفُّوْهُ في شَطَن الردى ومضى فلم … يحللْ لغير الله عقد قَبائه
أفديه مصدورَ الفؤاد تقاطرت … افلاذُه بالنار من صُعَدائه
أبكيه ريانَ الشباب ، رداؤه … نَضِرُ الصبِّا ، شَرِقٌ بحسن روائه
أبكيه منطوياً على نارين من … داء النَّوى ، وهو الأمضّ ، ودائه
أبكيه مذعوراً تقسَّمَ طرفُهُ … ما بين أهليه ، الى رفقائه
أو بعدَما بَرَقَتْ أسِرَّتُّه لنا … وبدت مخايلُ حسنِه وبهائه
تنتاشُه كفُ المنية صارماً … عَضْباً يفُلُ العضبَ حدُّ مضائه
ما بعدَ يومك غيرُ عينٍ ثَرّة … ومدامعٍ سُحٍّ وحِلْمٍ تائه
لا تسألنِّي عن ” أبيكَ ” فبعض ما … لاقاه أن بكاءَنا لبكائه
عين تسيل دماً لفقد سوادها … وحشىً يذوب أسىً على سودائه
والمرء سلوة والدٍ متصبرٍّ … فاذا استقلَّ فصبره بازائه
ولقد عهِدْتُكَ والشمائلُ غضةٌ … غنيَ النديم بهن عن نُدمَائه
قالوا : ” الوباءُ ” فقلت من أدوائنا … وهو القتيل بهن لا بوبائه
رُحْ سالماً ، ودع الحياة لجاهل … وغروره ، أو عالم وريائه
والدين ، كلُّ الناس تعرف حَمْلَهُ … والفرق كلُّ الفرق عند أدائه
هل كنت لو نُجِّيتَ الا ساخراً … من حكم دهرك ، سادراً بشقائه
صبراً أباهُ وإن دهاك برزئه … دهر يذوب الصبر في أرزائه
أخذ الاله واخذُه أجرٌ كما … أعطى ، وكان الفضل في اعطائه
ولربما جزِع الفتى من علّة … كانت سبيلَ الشكر عند شِفائه
صبراً وشافع من تسمّى ” محسنا ” … أملٌ بحسن الصبر عند بلائه
بالخلد عن هذي الحياة تصبراً … يُغنى وعن أكدارها بصفائه
إني نظمت الدمع فيه قصيدة … لما وجدت القول دون رثائه
وعلمت أن الخلد ملك ” محمد ” … فعسى أكون هناك من شعرائه
صبراً وإن ذهب ” العليُ ” وأنتم … ” بسعيد ” هذا الجيل من سعدائه
أحبابنا بين مَحاني العراقْ … كلفتُمُ قلبيَ ما لا يُطاقْ
العيشُ مرٌّ طعمهُ بعَدكم … وكيف لا والبُعْدُ مرُّ المذاق
أمنيَّةٌ تَستاقُها شقوة … آهٍ على أمنيَّةٍ لا تُعاق
كلُّ لياليكُمْ هنيئاً لكم … بيضٌ ، ودَهري كلُّه في مِحاق
لي نَفَسٌ كيف بتَصعيده … والشوقُ مني آخِذٌ بالخِناق
الله يَرعَى ” حَمَداً ” انه … غادرني ذكراه رهنَ السياق
هل جاءه ان أخاه متى … يَذكرْه يَشَرقْ بدموع المآق
يكفيكُمُ من لوعتي أنني … في فارس أشتاقُ قُطرَ العراق
لا سوحُها وهي جِنان زَهَتْ … بكلِّ ما رقَّ جمالاً وراق
ولا الربى مخضّرة تزدهي … حسناً حواشيها اللطافُ الرِقاق
خُطَّتْ على أوساطها خضرةٌ … سبحان من قدّر هذا النِطاق
تنال من شوقي وهل سلوةٌ … لمن قضى اللهُ له أن يُشاق
صبَّ الشتاء الثلج فوق الرُبى … يرفعُه فيها طباقاً طباق
حتى إذا الصيفُ انبرى واغتدتْ … تُصَبِّحُ الأرض بكأسٍ دهِاق
هبَّ عليلاً ريحُها لاصَحَا … زماسَ سُكراً روضُها لا أفاق
أحسن ما في وجهِ هذا الثرى … عيونُه لا رمُيتْ بانطباق
تجري وتجري أدمعي ثرةً … وأدمُعي أولى بشأو السباق
لمُ يحيِ هذا الماءُ مَيْتَ الثَرى … لو لم يكنْ ماءُ حياةٍ يُراق
ذكرتكُمْ والنفسُ مسحورةٌ … وللخُطى بين المروج إستراق
ليس يقي النفْسَ امرؤ من هَوى … إلا إذا كانَ من الموت واق