بعدتَ وما حكمُ البعادِ يعادلِ … أما مِن نصيبٍ فيك غيرُ البعادِ لي
طوى خالَكَ المسكيَّ عنِّي وخدَّكَ الـ … جميلَ غداة َ الجزعِ وخدُ الحمائلِ
وأسقطْتَـني لمّـا ظننتُكَ واصلاً … كأنيَ حرفُ الراءِ في لفظِ واصلِ
وأوحَشني ربعٌ لأهلـكَ مُقفـرٌ … فلذتُ بقلبٍ من جوى الشوقِ آهلِ
وغادرتَ عيني كالغدير بطلعة ٍ … هِيَ الروضُ غِبَّ السارياتِ الهواطل
فكنْ جامعاً بـينَ الغَديـرِ ورَوْضة ٍ … ليخضرَّ لي عَيْشي وأحظـى بطائِلِ
ومن لي بأن لخضرَّ عيشي والنوّى … دويهة ٌ تصفرُّ منها أناملي
أسَّركَ مني أنَّ هجـركَ مُدنفـي … وغرَّك مني أنَّ حبـكَ قاتِلي ؟
بحسبكَ أنَ البينَ راشَ نباله … وفوَّقَها نَحوي فأصمَت مقاتلي؟
وخوَّفني مـاءٌ منَ العـينِ نـازلٌ … عمى هو من ماءٍ إلى العينِ نازلِ
وخطبٌ سمينٌ مثلُ رِدفِكَ ذقتُهُ … بجسمٍ نحيفٍ مثلِ خَصركَ ناحـلِ
فهبني خِـلالاً ثمَّ هبـني تَداخُلاً … خلالَ ثناياكَ العذابِ المناهلِ
ومُذ أَعلقتْني الأربعونَ حِبالَها … تراءَتْ لعيني الأرضُ كِفّـة َ حابِلِ
وما شعراتي البيضُ إلا مشاعلٌ … ومِن نارِ قلبي نورٌ تلـك المشاعلِ
وما الشيبُ إلا شائبُ الصّفوِ بِالقَذى … ولا وخطه إلا نذيرُ الغوائلِ
يردُّ قناة القدِّ قوساً وينتضي … على الوفراتِ السودِ بيضُ المناصلِ
ولولا حصادُ العمرِ لم تكُ تنثني … لدى الكِبرِ القاماتُ مثـلَ المناجلِ
وغيم شبابٍ جادَ روضَ مسرتي … فزالَ وفعلُ الغيمِ ليسَ بزائِـلِ
ففي مقلتي ودقٌ صدوقٌ بفيضه ِ … وفي عارضي برقٌ كذوبُ المَخائِلِ
سقى اللهُ أيامَ الصّبا فهـي حقّها … لبان ضروعٍ للنعيمِ حوافلِ
وطّرب أُذْنَيْهـا بنغمـة ِ مَعْبَد … وحرَّكَ عِطْفَيْهـا بخَمرة ِ بابِـلِ
وعشّبَ مَرْعاهـا كساحة ِ مُجْتـد … حبتهُ يد الشيخ الأجل بنائلِ
وليسَ نظامُ الملـكِ إلاّ سحابَـة ٌ … يشيمُ حَياها كـلُّ حـافٍ وناعِلِ
فكالبحرِ إلاّ أنّـهُ غـيرُ آسنٍ … وكالبدرِ إلا أنَّـهُ غـيرُ آفِـلِ
ذراهُ ربيعٌ للرجاءِ إذا شتا … وفيهِ لقـاحٌ للأمـاني الحَوافِـلِ
إذا الركبُ زمُّوا عِيسَهم عن فِنائِهِ … وشَدُّوا قُتودَ النّاجِياتِ المَراقِلِ
رأيت العِيابَ البجرَ ينشرْنَ شُكرَهُ … وإنْ كانَ تَشكوهُ ظُهورُ الرَّواحِلِ
فأوْهامُهم من مَدحِـه في دقائقٍ … وأَحكامُهم من مَنْحِـهِ في جَلائِلِ
وأكرمُ شيٍ عندهُ صوتُ سائلٍ … وأهونُ شيءٍ عندهُ قولُ عاذلِ
ليالٍ لبِسْناهـا ومِسْنا تَجمُّلاً … ندي الكفِّ طلقُ الوجهِ لدنُ الشمائلِ
أشمُ طويل الباع مستغزر اللهى … أغر عريض الجاه جمُّ الفضائل
فتى ً أنستْ منهُ الوِزارَة ُ رُشْدَهـا … إذ اسْتَودعتْهُ المهد أيدي القوابل
توسّدَ حجرَ الأكرِمينَ أُولي النُّهى … وأُلقَم ثديَ المُحصَنـاتِ الغَوافِلِ
فجاءَ كما يلفي وزرُّ قميصهِ … على مُستقِلٍّ بالمَعالي حُلاحِلِ
لهُ الله من قرمٍ إلى المجدِ سابقٍ … وبالخيرِ أمّارٍ وللميَرِ بــاذِلِ
ولِلملْكِ مِعوانٌ وللمُلكِ حارِسٌ … وللدرِّ حلابٌ وللنصحِ ناخلِ
إذا خطَّ كفَّ الوَشْي فَضلة َ ذَيْلِهِ … حياءً وغضَّ الجفنَ نورُ الخمائلِ
وإنْ سلَّ صمصامَ الفّصاحة ِ ناطقاً … تحـيّرتَ في تَطبيقِـهِ للمَفاصِلِ
به اخضرَّ عودُ الدهرِ واهتزَّ نبتهُ … ودلَّ على مقصوده كلُّ فاضلِ
أذُمُّ عليهِ الدَّهرِ إذ حلَّ بّرْكُهُ … عليَّ وحَسّاني كُـؤوسَ البَلابِلِ
وزَلزلَ رُكني فانهـدمْتُ لهـدِّهِ … وقد هدمَ الأركانَ هدُّ الزلازلِ
فطارت عصافيري وشالت نعائمي … وهاجَتْ شَياطيني وفارَتْ مَراجلي
وكيفَ أرى نفسي مَداسَ مناسِمٍ … تطامنُ مني أو مناخَ كلاكل ؟
… على عاجزات النهض حمر الحواصل
وقد أطمعتني منهُ قدمة ُ خدمتي … ودعْوى انتماءٍ أُكِّدَتْ بالـدَّلائل
ولي أملٌ غضُّ الشبـابِ طَريُّـهُ … وذاكَ لشيبٍ في نَواصي وسائلـي
وصحبـة ُ أيامٍ مضَتْ وكأنّمـا … هواجِرُها تُكْسى ظِلالَ الأصائِلِ
ليالٍ لبسناها ومسنا نجملاً … به فوجدناها رقاقَ الغلائلِ
وكـم لي فيـهِ من سَوارٍ سوائِرِ … حوالٍ على الأحوالِ غيرِ عواطلِ
قوافٍ كأني لاعبٌ من نسيبها … بعطشانة ِ الزنارِ ريا الخلاخلِ
مغررة ٌ في كلِّ نادٍ رواتها … مصنعجة ٌ في كل واد جلاجلي