بدرٌ وشمس وَلَدَا كوكبا … أقسمتُ باللَّه لقد أنجبا
ثلاثة ٌ تُشرقُ أنوارُها … لا بُدِّلتْ من مَشرقٍ مَغربا
بدرٌ وشمس أبَوَا مُشتَرٍ … ما نازعتْ شَرْواهُ أمٌّ أبا
قد قلتُ إذ بُشِّرتُ بالمُشتري … قولَ امرىء ٍ لم يَخْشَ أن يُكذَبا
يا آل بِشرٍ أبشروا كلّكُمْ … فقد وَلَدْتُمْ مَطلباً مهرَبا
تبارك اللَّهُ وسبحانَهُ … أيَّ شهابٍ منكُمْ أثقبا
إن طابَ أو طِبْتُمْ فما أَبعدتْ … فروعُ مجدٍ أَشبهتْ منصبا
ولا عجيبٌ لا ولا منْكَرٌ … أن تلِدوا الأَطْيَبَ فالأطيبا
أصبحتُم واللَّهُ يُبقيكُمُ … مُنجَعَ الحُرِّ إذا أجدبا
مهما انتقصناهُ إذا زدتُمُ … منْ نِعَمِ اللَّهِ فلن يُحْسَبا
أنتم أناسٌ بأياديكُمُ … يَستغفرُ الدهرُ إذا أذنبا
فلْيشكرِ الدهرُ لكم إِنّهُ … أرضَى بكم من بعدما أغضبا
إذا جَنى الدهرُ على أهلِهِ … وزاد في عِدَّتِكُم أَعتُبا
إنَّ أبا العباس إلاَّ يكُنْ … أَرَّخَ بالفُلجِ فقد شَبّبا
قد بيَّضَ الأوجُه بابنٍ لَهُ … قالتْ له آمالُنا مرحبا
وذاك مِفتاحٌ لإقبالِكُمْ … كذا قضى اللَّهُ ولن يُغْلَبا
وقد تفاءلتُ له زاجراً … كُنيتَهُ لا زاجراً ثعلباً
إني تأملتُ لَهُ كُنية ً … إذا بدا مقلوبُها أعجبا
يصوغها العكسُ أبا سابعٍ … وذاك فأَلٌ لم يعد مَعْطبا
بل ذاك فألٌ صامنٌ سبعة ً … مثل الصقور استشرفت أرنبا
يأتون من صلبِ فتى ً ماجدٍ … لا كذَّب اللَّهُ ولا خيبا
وقد أتاه منهمُ واحدٌ … فلينتظرْ ستة ً غُيَّبا
في مدة ٍ تعمُرها نعمة … يجعلها اللَّه له تُرْتُبا
حتى نراهُ جاساً بينهم … أجلَّ من رَضوى ومن كَبْكَبا
كالبدرِ وافى الأرضَ في نُورِهِ … بين نجومٍ سبعة ٍ فاحتبى
يُعدي على الدهر إذا ما اعتدى … ويؤمنُ الناسَ إذا استرهبا
وليشكرِ الناجمُ عن هذه … فإنها من بعضِ ما بوَّبا
أسدَى وألحمتُ أخٌ لم أزل … أحمدُ ما سدَّى وما سبَّبا
واسعدْ أبا العباس مُستوهِباً … من ملكٍ أعطاهُ ما استوهبا
عَمِرتَ والمولودَ حتى ترى … أولادَهُ خلفكُما موكبا
من فتية ٍ مثلِ أسودِ الشّرى … وصبية ٍ تحسبُهُمْ ربربا
دونكموها يا بني مَرثدٍ … لا تعدَموا أمثالَها مكسبا
يا رُبَّ جِدٍّ لكم في العلى … قد جعل المالَ لكم ملعبا
لا سَلَبَ اللَّهُ سرابيلَكُمْ … من هذه النُّعمى ولن تُسلبا
وادَّرِعوا من عُرْفكم جُنّة ً … تَفُلُّ نابَ الدهرِ والمِخلبا
قلتُ لباغيكم وراجيكُم … ما أبعدَ الغيثَ وما أقربا
سما فأعلى عن يدٍ ملمساً … منه وأدنَى من فمٍ مشربا
كم سبسبٍ جابَ مديحٌ لكم … ما جاب من إحسانكم سبسبا
بل خاض روضاً بين غدرانِهِ … يُرضيه إن صعَّد أو صَوَّبا
قد قلتُ قولاً فيكُم مُعْجباً … أن لم أكنْ ذا حُمُقٍ مُعجبا
قَلَّلتُهُ فيكم وهذَّبتُهُ … عمداً وما قلَّلَ من هذَّبا
ومثلُكُمْ خُصَّ بأمثالِهِ … ومثلُكُمْ عن مثلِهِ ثَوَّبا
وَلي لديكم صاحبٌ فاضلٌ … أُحِبُّ أن يُرعى وأن يُصحبا
مبارَكُ الطائرِ ميمونُهُ … حدَّثني عن ذاك من جرّبا
بل عندكم من يُمنهِ شاهدٌ … قد أفصحَ القولَ وقد أعربا
جاء فجاءت معه غُرَّة ٌ … يُقَبِّلُ الناسُ بها كوكبا
يا حبذا بُشرى ابنُ عمَّارِكُمْ … ما أحسن العُقبى التي أعقبا
كان بشيراً بفتى ً منكُمْ … بل بربيعٍ منكُم أَخْصبا
وما أرى اللَّه امرأً وجهَهُ … إلا أراهُ ولداً طيّبا
قلت لحُسَّادٍ له أَلهِبوا … أو أطفئوا جمرَكُم الملهبا
إن أبا العباس مستصحِبٌ … يَرضى أبا العباس مُستصحَبا
لكنّ في الشيخ عُزَيرية ً … قد تركَتْهُ شَرساً مُشغبا
فاشددْ أبا العباس كفاً بهِ … فقد ثَقفتَ المخْطَبَ المِحرَبا
كلِّم به مُلِّيتَهُ مِقْولاً … وازحَمْ به مُلّئته مَنْكِبا
حاول به أمرأ وقلِّب به … أمراً تجده حُوَّلاً قُلَّبا
باقِعَة ً إن أنت خاطبتَهُ … أَعرَبَ أو فاكهتَهُ أغربا
يصلح للجدِّ وما هَزْلُهُ … بدون ما يُحظى وما يُجتبى
أدَّبَهُ الدهْرُ بتصريفهِ … فأحسنَ التأديبَ إذ أدَّبا
وظرفُهُ نُورٌ لآدابِهِ … إذ لم ينوِّرْ كلُّ مَنْ أعشبا
تُقصِّرُ الدهرَ أحاديثُهُ … وتُعجِبُ الأمردَ والأشيبا
وقد غدا يشكُر نُعماكُمُ … في كلِّ وادٍ موجِزاً مطنبا
ولم يحاولْ مُستزادي له … ولم يجِد في فعلكم مَعْتبا
لكن بدأتُ القولَ مستوهباً … فيه لحسنِ الرأي مُستَجلِبا
صُونوهُ لي واوعَوهُ لي واملأُوا … يديه لي لا بل بما استوجَبا
ذاك نصيبي من عطاياكُمُ … إن حكَم الحقُّ بأن أُنصَبا
دع ذا وجاوزْهُ إلى غيرِهِ … يا أكرمَ السادة ِ مُستعتَبا
كم موعدٍ منك وكم موعد … أَكدى ولستَ البارقَ الخُلَّبَا
أأمستِ الحيتانُ في ذمّة ٍ … أم أصبحتْ من يَمِّها هُرَّبا
حظي من الأسبوع لا تَنْسَهُ … ولا يكونَنْ سهميَ الأخيبا
لا يُخطئنِّي منك لَوزينَجٌ … إذا بدا أعجبَ أو عجّبا
لم تُغلِق الشهوة ُ أبوابَها … إلا أبتْ زُلفاهُ أن يُحجَبا
لو شاء أن يذهب في صخرة ٍ … لسهَّل الطِّيب لَهُ مذهبا
يدور بالنفخة ِ في جامِهِ … دَوْراً ترى الدُّهنَ له لولبا
عاونَ فيه منظرٌ مخبراً … مستحسَنٌ ساعَد مُستعذبا
كالحَسَن المُحسِنِ في شَدوهِ … تمَّ فأضحى مَطرباً مَضرَبا
مُستكثَفُ الحشوِ ولكنهُ … أرقٌّ قشْراً من نسيم الصَّبا
كأنما قُدَّتْ جلابيبُه … من أعينِ القطرِ الذي قُبّبا
يُخالُ من رِقّة ِ خرشائِه … شاركَ في الأجنحة الجُنْدَبا
لو أنه صُوِّرَ من خُبزِهِ … ثغرٌ لكان الواضحَ الأشنبا
من كل بيضاءَ يُحبُّ الفتى … أن يجعلَ الكفَّ لها مركبا
مدهونة ٍ زرقاءَ مدفونة ٍ … شهباءَ تحكي الأزرق الأشهبا
مَلَذُّ عينٍ وفمٍ حُسِّنتْ … وطُيِّبتْ حتى صبا من صبا
ذِيقَ لها اللوزُ فلا مُرَّة ٌ … مرّتْ على الذائق إلا أبى
وانتقدَ السُّكَّرَ نُقَّادُهُ … وشاوروا في نقده المُذهبا
فلا إذا العينُ رأتها نَبَتْ … ولا إذا الضِّرس علاها نبا
لا تُنكروا الإدلالَ من وامقٍ … وجَّهَ تلقاءكُمُ المطلبا
إنِّي تسحبتُ على طَوْلكم … بَدءاً فما استخشَنْتُه مَسحبا
فليُنصفِ الوُدَّ فتى ً ماجدٌ … أضحى التقاضي معه متعبا
كأنه لم يدرِ أنَّ العلا … تُزْري على العُرف إذا أنصبا
يا رُبَّ معروفٍ له قيمة ٌ … كُدِّرَ صافيهِ بأنْ يُطلبا
تَبَرُّعُ التحفة ِ زَيْنٌ لها … وعيبُها الفاحشُ أن تُخْطبا
وعزة ُ المعروف في ذُلِّه … وذلة ُ العُرف إذا استَصْعَبَا