كم نفوسٍ شريفةٍ حسَّاسه … سحقوهنَّ عن طريقِ الخساسه
وطباعٍ رقيقةٍ قابَلتهنَّ … الليالي بغِلْظَةٍ وشراسه
ما لضعفٍ شكوايَ دهري … فما أنكرُ بأسي وإن تحاميتُ باسه
غيرَ أني أردتُ للنجحِ مقياساً … صحيحاً فلم أجدْ مقياسه
وقديماً مسَّتْ شكوكٌ عقولاً … وأطالتْ من نابهٍ وَسواسه
اِِِستغلَّتْ شعورَها شعراءٌ … لم تُنشني ظرافةً وكيَاسه
وارتمت ْ بيْ لإلى المَطاوحِ نفسٌ … غمرتها انقباضةٌ واحتراسه
عدَّتِ النُبلَ رابحاً واستهانتْ … من نعيمٍ ولذَّةٍ إفلاسه
كلَّما أوشكتْ تبلُّ .. من الاخلاصِ … والصدقِ عاودتْها انتكاسه
تَعِسَ المرءُ حارِماً نفسَه كلَّ … اللذاذاتِ قانعاً بالقداسه
اِستفيقي لا بدَّ أنْ تُشبهي الدَّهرَ … انقلابا .. وأنْ تُحاكي أُناسه
لكِ في هذه الحياةِ نصيبٌ … اِغنميهِ انتهازةً وافتراسه
فالليالي بلهاءُ فيها لمن يُحسن … إبساسةً لها ، إسلاسه
مُخلَفاتٍ حلبتِها .. وأُناسٌ … حلَبوها درّارةً بسَّاسه
كلُّ هذا ولستُ أُنكرُ أنّي … من لذاذاتها اختلستُ اختلاسه
ألفُ إيحاشةٍ من الدَّهر قد … غطَّتْ عليها في ليلةٍ إيناسه
ليلةٌ تُغضبُ التقاليدَ في الناس … وتُرضي مشاعراً حسَّاسه
من ليالي الشبابِ بسَّامةٌ ، إنَّ … لياليَّ جُلّها عبَّاسه
ومعي صاحبٌ تفرَّستُ فيه … كلَّ خيرٍ فلمْ تخني الفَراسه
أريحيُّ ملء الطبيعةِ منه … عزَّةٌ وانتباهةٌ وسلاسه
خِدْنُ لَهوٍ ..إني أُحبّ من الشاعر … في هذه الحياةِ انغماسه
عرَّقتْ فيه طيّباتٌ ويأبى … المرءُ إلاَّ عروقَه الدسَّاسه
ولقد رُزْتُه على كلّ حالاتِ … الليالي فما ذممتُ مَساسه
كان مقهى ” رشيد ” موعدنا عصراً … وكنَّا من سابقٍ أحلاسه
مجلسٌ زانَهُ الشبابُ ، وأخلوا … ” للزهاويِّ” صدرَه والرياسه
هو إنْ شئتَ مجمعٌ للدُّعاباتِ … وإن شتتَ معهدٌ للدراسه
ثمَّ كلن العِشاءُ فانصرف الشيخُ … كسيحاً موِّدعاً جُلاّسه
وافترقنا نُريد” مَهَرانَ” نبغي … وَرطة ًفي لذاذةٍ وارتكاسه
تارةً صاحبي يُصفِّقُ كأسي … وأنا تارةً أُصفِّق كاسه
وجديرٌ أنْ يُمتِعَ المرءُ بالخمرةِ … نفساً . وأنْ يُثقِّلَ راسه
قبلَ أن تَهجُمَ الليالي عليه … فتُعري من الصِّبا أفراسه
أتُراه على حياةٍ قديراً … بعدَ ما يُودِعونه أرماسه
فاحتسبنا كأساً وأُخرى فدبَّتْ … سَورةٌ لم تدعْ بنا إحساسه
وهَذينْا بما استكنَّت به النفسُ … وجاشتْ غريزةٌ خنَّاسه
لا ” الحسينُ الخليعُ ” يبلغُ شأوينا … ولا ” مسلمٌ ” ولا ذو ” النُواسه”
قال لي صاحبي الظريفُ وفي الكفّ … ارتعاشٌ وفي اللسانِ انحباسه :
أين غادرتَ ” عِمَّةً ” واحتفاظاً … قلتُ : إني طرحتُها في الكُناسه
ثم عُجنا لمسرحٍ أسرجته … كلُّ رَودٍ وضَّاءةٍ كالماسه
حدَّدوةُ بكلّ فينانةٍ خضراءَ … بالزهرِ عطرتْ أنفاسه
ولقد زادتِ الوجوهَ به حُسناً … ولُطفاً للكهرباء انعكاسه
ثمَّ جَسُّوا أوتارَهم فأثرنَ … اللهوَ أيدٍ قديرةٌ جسَّاسه
وتنادَوا بالرقصِ فيه فأهوى … كلُّ لدنٍ للدنةٍ ميَّاسه
خُطةٌ للعواطف الهُوج فاقَتْ … خُطّةَ الحربَ جذوةً وحماسه
أُغرمَ الجمعُ واستجاب نفوساً … تتقاضاهُ حاجة مسَّاسة
ناقِلاً خطوَةُ على نغمةِ العودِ … وطوراً مرَّجفاً أعجاسه
وتلاقى الصدرانِ .. واصطكَّتِ … الأفخاذُ .. حتى لم تبقَ إلا لُماسه
حرَّكوا ساكناً فهبَّ رفيقي … لامساً باليدينِ منه لباسه
ثمَّ نادى مُعربداً لُيحيِّ … الله مغناكَ وليُدِمْ أعراسه
وخرَجْنا منه وقد نصلَ الليلُ … وهدَّتْ إغفاءَةٌ حُرّاسه
ما لبغدادَ بعدَ هاتيكمُ الضجَّةِ … تشكو أحياؤها إخراسه
واقتحمنا بيتاً تعوَّد أنْ نطرق … في الليلِ خُلسةً أحلاسه
وأخذنا بكفِّ كلِّ مَهاةٍ … رنَّقَتْ في الجفونِ منها نُعاسه
لم أُطِلْ سومَها وكنتُ متى يعجبني … الشئُ لا أُطيلُ مِكاسه
قلتُ إذ عيَّرتنيَ الضعفَ لمَّا … خذلتني عنها يدٌ فرّاسه:
لستُ أعيا إنْ فاتني أخذيَ الشيء … بعنفٍ ، عن أخذهِ بالسياسه
ثمَّ كانتْ دعابةٌ فَمُجونٌ … فارتخاءٌ . فلذةٌ . فانغماسه
وعلى اسمِ الشيطانِ دُستُ عَضوضاً … ناتئَ الجنبتَينِ . حلوَ المداسه
لبَداً .. تنهلُ اللُبانةُ منه … لا بحزْنٍ ضَرسٍ .. ولاذي دَهاسه
وكأنّ العبيرَ في ضرَمِ اللذَّةِ … يُذكي بنفحةٍ أنفاسه..
وكأنّ الثِقْل المرجّحَ بين الصدرِ … والصدرِ .. يستطيبُ مراسه
وكأنّ ” البديعَ ” في روعة الأسلوب … يُملي ” طِباقه ” و” جِناسه”
واستجدَّتْ من بعدِ تلك أمورٌ … كلّهنَّ ارتيابةٌ والتباسه
عرَّفتنا معنى السعادةِ لمّا … أنْ وضعنا حدّاً بها للتعاسه
بسَمَ الدهرُ وتجافى … بعدَها كاشِراً لنا أضراسه
صاحبي لا ترُعكَ خِسَّةُ دهر … ” كم نفوسٍ حسَّاسه”