إقبالُهُنَّ بشارةُ الإقبالِ … وحضورُهنَّ حضورُ حُسنِ الحالِ
هُنَّ الغواني بالجمال عن الحُلى … فجمالُهنَّ يفوق حَليَ الحالِِ
إنعامُهنَّ لنا طليعة نعمةٍ … موصولةٍ بمقدّماتِ وصالِ
شُبنَ الملاحةَ بالدلال وأُشرِبَت … بقلوبهن حلاوةُ الإدلالِ
ذُلُّ اليَسير بطرفهنَّ وفوقه … عَقدُ الحواجب فيه تِيهُ الغالي
واذا اهتزَزنَ لنا تهزُّ قلوبَنا … هيفُ الخصور ورُجَّحُ الأكفالِ
يُشفى العليلُ بأُنسهن كمثل ما … تُشفى العِطاشُ ببارد السلسالِ
فالشَّيب أسخطهنَّ من بعد الرضا … والعُدم علَّمهنَّ صفح الحالِ
قد يُستَفاد المالُ بعد نفاده … والشَّيب أعيا حيلةَ المحتالِ
فطمعتُ في نصف الرضا ويئستُ من … نصفٍ لإعدامي وشيب قذالي
قُم يا غلام فسلِّ قلبي بالتي … فيها السلوُّ عن الملول السالي
كيف الصلاح وقد بُليتُ بشادنٍ … في الحسن منفردٍ بغير مثال
لم أُنصِف المعشوقَ إذ شَبَّهتُه … قَدَّ القضيب وصورةَ التمثال
فإذا تلفَّت أو رنا فارغب به … عن جيد مُغزِلةٍ وعين غزال
وطراز طُرَّتِه ونور جبينهِ … يُنسيكَ كلَّ دجىً وكلَّ هلال
وتشعشع الخدَّين من ماء الحيا … كرحيق خمرٍ مُشرَبٍ بزلال
نزه العيون جلاؤهنَّ من الحيا … ولكل قلبٍ في البصيرة خالِ
تَبلى الرياضُ وكلُ روضٍ وافرٍ … وندى البَريديينَ ليس ببال
عزُّ البريديين أحسن منظراً … للناس فيه حدائق الآمال
إقبالُ دولتهم على كلِّ الورى … مُتَتابِعٌ بعوائد الإقبال
قد كادت الأرزاق تُقفَل فانبرت … بركاتُهم بمفاتح الأقفالِ
وهُمُ الثلاثة شَبَّ فيهم رابعٌ … من ذي المعالي وهو جدٌّ عال
أيّامُكم في العالمين كأنَّها … من حسنها مصقولة بصقال
عظمت كفايتُكم وجلّ غَناؤكم … فبكم تسير سوائرُ الأمثالِ
في الأرض ذلك في السماوات العُلى … تُدعَونَ سادةَ سادةِ العُمّالِ
ما قلتُ زوراً إنَّ بَسطَ نوالكم … في الأرض أفضلُ صالح الأعمالِ
مَن شاء فليقتل لذلك نفسَه … أسفاً وربَّ تأسُّفٍ قَتّالِ
فليرغم الحسّادُ إنَّ خدودهم … حُطَّت لمَوطَأكم نِعَالَ نِعَالِ
هلا أتوا بخلائقٍ كخلائق … فيكم مبرزة بكل كمالِ
لم ينقموا إلا التيقظ منكمُ … وتحفُّظ الغَفَلات والإغفالِ
فرأوا مساعيَهم قرارةَ وهدةٍ … ورأوا مساعيَكم سماءَ معالِ
فبمثل ذا عنَد الحسود وإنما … بسَخى القلوبِ تفاوُتُ الأحوالِ
أوَ ما ترى رجلاً يقوم مقامةً … ما إن يقوم بها ألُوفُ رجالِ
هذا أبو عبد الإله يمدُّه … شكرُ الإله بفضله المتوالي
لو ضُمَّت الدنيا إليه بأسرها … لاقتادها من نعله بقِبالِ
ما ذاك في القرطاس نِقساً إنما … هو كشف كربٍ أو حلول وَبالِ
وإذا سمعتَ صرير أقلامٍ له … فزئير أُسدٍ في حمى الأشبالِ
ويبعثر الجيش العرمرم واصفاً … كيداً يصاول صولةَ الأبطالِ
ما أشرف القلم المشرِّفَ أهله … ضخم المَريرة وهو نِضو هُزالِ
يمشي مُكِبّاً والخُطا من مشيه … طُرق الغنى وطوارق الأهوال
ويمجُّ رَعفاً لا يملُّ لسانُهُ … ويفيض بالآمالِ والآجالِ
يا أحمد بن محمدٍ حمداً لمن … جعل الفضائلَ في ذوي الإفضالِ
قال النَّبيُّ يدُ الذي يعطي هي ال … عليا وأنت على الأنام العالي
ويداك قد عَلَتا على أيدي الورى … بجلال قدرك فوق كلِّ جلالِ
ولقد حرستَ مواهبَ اللَه التي … أُوتيتَ بالإحسانِ والإجمالِ
فاللَه بالبركات خصَّك إذ رأى … نعماك قد كَلِفَت بهَدِّ جِبالِ
فمؤمَّل العافين أنت وأنت ذخ … ر الأولياء وكنز بيت المالِ
واللَه يحمل ذاك عنك بأسره … شكراً لأنك حامل الأثقالِ
واللَهُ يؤتي فضلَه ومزيدَه … من شاء غير مُدافَع الأفعالِ
لا زلتَ في نعمٍ تُزاد بشكرها … مدداً من الإعظام والإجلالِ