أُناشِد دَهْري أن يَعودَ كما بَدا … فقَد غارَ بي في الحادثاتِ وأنجَدا
توعَّدَني من بَعْدِ ما وَعَدَ الغِنى … فأنجزَ إيعاداً وأخلَفَ مَوعِدا
و كنتُ أرى الأيامَ ظِلاَّ مُمَدَّداً … و مُهْتَصَراً غَضّاً وعَيشاً مُمَهَّدا
فَصِرْنَ لرَيْبِ الدَّهْرِ سَهْماً مُسَدَّداً … و أسمرَ خَطِّيّاً وعَضْباً مُجَرَّدا
سَقاهاو ما السُّقْيا بكفِّ صَنيعِها … خَليعِ الحَيا إنْ جَرَّ بُرْدَيْهِ غَرَّدا
فزارَ من الدَّيْرّيْنِ إلْفاً ومَألَفاً … و جادَ على النَّهرين عَهْداً ومَعْهَدا
مَراقدُ من بُسْطِ الرِّياضِإذا اكتفى … بِهِنَّ صريعُ الرَّاحِ لم يَنْبُ مَرْقَدا
و ليلٍ كأنَّ التُّرْبَ تحتَ رِواقِه … مُنّدًّى بماءِ الوَردِ ما باشَرَ النَّدى
تُعانِقُنا فيه الرِّياحُ مَريضة ً … كأَنَّا لَقيناها معَ الصُّبحِ عُوَّدا
أَرَتْنا اللَّيالي قَصْدَها دونَ جَوْرِها … و شأنُ اللَّيالي أن تجورَ وتَقْصِدا
و من عَجَبٍ أنَّ الغَبِيَّينِ أبرَقا … مُغِيرَيْنِ في أقطارِ شِعْريو أرعَدا
فَقَد نَقلاه عن بياضِ مَناسبي … إلى نَسَبٍ في الخالديَّة ِ أسودَا
و إنَّ عَلِيّاً بائعَ الملحِ بالنَّوى … تجرَّدَ لي بالسَّبِّ فيمَن تجرَّدا
و عندي له لو كان كُفءَ قوارضي … قوارضُ يَنثُرْنَ الدِّلاصَ المُسَرَّدا
و مغموسَة ٌ في الشَّرْيِ والأرْيِ هذه … ليَرْدَى بها باغٍو تلكَ لتُرتَدَى
إذا رامَ عِلْجُ الخالديَّة ِ نيلَها … أَخذْنَ بأعنانِ النُّجومِ وأخلَدا
لكَ الويلُ إن أطلقْتُ بيضَ سيوفِها … و أطلقْتُها خُزْرَ النَّواظِرِ شُرَّدا
و لستَ لجِدِّ القَوْلِ أهلاًفإنما … أُطيرُ سِهامَ الهَزْلِ مثنى ً ومَوْحِدا
نَصَبْتَ لِفتيانِ البَطالَة ِ قُبَّة ً … ليَدخُلَها الفِتيانُ كَهْلاً وأمرَدا
و كان طريقُ القَصْفِ وعراً عليهمُ … فسهَّلْتَه حتى رَأَوه مُعبَّدا
و كم لَذَّة ٍ لا مَنَّ فيها ولا أذًى … هَدَيْتَ لها خِدْنَ الضَّلال فأفسدا
قصدتَهمُ وزناًفساوَيْتَ بينَهُم … و لم تأخذِ السَّيفَ الشَّديدَ لتَقْصِدا
و جئتَهمُ قبلَ ارتدادِ جُفونِهِم … بمائدة ٍ تُكْسَى الشَّرائِحَ والمِدَى
و مبيضَّة ٍ مما قراه محمدٌ … أبوك لكي تَبيضَّ عِرْضاً ومَحتِدا
نَثَرْتَ عليها البَقْلَ غَضّاًكأنما … نَثَرْتَ على حُرِّ اللُّجَيْنِ الزَّبَرْجَدا
و مصبوغَة ٍ بالزَّعفرانِ عريضة ٍ … كأنَّ على أَعْضائِها منه مِجْسَدا
تَرَقَّبَها الصَّيَّادُ يَوْماًفقادَها … كما قُدْتَ بالرِّفقِ الجَوادَ المُقَيَّدا
و لم يَدْرِ إذ أنجى لها بِردائِه … أكانَ رِداً ما ارتدَّ منه أَم رَدى
تُريكو قد عُلَّت بياضاً بصُفرَة ٍ … مِثالاً من الكافورِ أُلبِسَ عَسْجَدا
يَحُفُّ بها منهم كهولٌ وفتية ٌ … كأنهمُ عِقْدُ يَحُفُّ مُقلَّدا
فلا نَظَرُ الدَّاعي إلى الزَّادِ كَفَّهم … و لا خَجلَة ُ المدعوِّ ردَّتْ لهم يَدا
و مِلْتَ بهم من غيرِ فَضلٍ عليهمُ … إلى الوَرْدِ غضّاً والشَّرابِ مُورَّدا
فيا لَكَ يوماً ما أَخَفَّ مؤونَة ً … و أعذبَ في تلكَ النُّفوسِ وأرغدا
مُناهدة ٌ إن باتَ مثلُكَ طيَّها … تَنفَّسَ مجروحَ الحشاأو تنهَّدا
فلا عَدِمَ الفِتيانُ منكَ قَرارة ً … أَيسلُّهُم سَعْداً عليَّ مُسْعِدا
مُعِدّاً لهم في كلِّ يومٍ مُجَوَّدٍ … من الرَّاحِ والرَّيحانِعيشاً مُجدَّدا
إذا وصَلوا أضحى الخِوانُ مُدَبَّجاً … و إن وصَلوا أمسى الخِوانُ مُجرَّدا
و إن شرَعوا في لَذَّة ٍ كنتَ بِيعَة ً ؛ … و إن طَعِمُوا في مَرفِقٍ كنتَ مَسجدا
لك القُبَّة ُ العَلياءُ أوضحْتَ فَتقَها … و أطلعْتَ منها للفُتوَّة ِ فَرْقَدا
يُصادِفُ فيها الزَّوْرَ جَدْياً مُبرَّزاً … و باطية ً ملأىو ظبياً مُغرِّدا
و قد فَضُلَت بِيضُ القِبابِ لأنني … نصبْتُ عليها بالقصائدِ مِطرَدا