أُتيحَتْ لِداءٍ في الفُؤادِ عُضالِ … رُباً بِالظِّباءِ العاطِلاتِ حَوال
تُذيلُ دُموعَ العَيْنِ وَهْيَ مَصُونَة ٌ … وَأُرْخِصُها في الحُبِّ وَهْيَ غَوالِ
سَواجِمُ تَكْفيها الحَيا وَانْهمالَهُ … إذا انْحَلَّ في وُطْفِ الغَمامِ عَزالي
وَلَولاكِ يا ذاتَ الوِشاحَيْنِ لَمْ تَكُنْ … مُوَشَّحَة ً مِنْ أَدْمُعي بِلآلي
وَأَغْضَيْتُ عَيْنِي عَنْ مَهاها فَلَمْ أُبَلْ … لَدَيْها بَعَيْنَيْ جؤْذَرٍ وَغَزَالِ
وَلكنَّني أَرْضَى الغِوايَة َ في الهَوى … وَأَحْمِلُ فيهِ ما جَناهُ ضَلالي
وَقَتْكَ الرَّدَى بِيضٌ حِسانٌ وُجوهُها … وَمُثْرَية ٌ مِنْ نَضْرَة ٍ وَجَمالِ
طَلَعْنَ بُدُوراً في دُجًى مِنْ ذَوائِبٍ … وَمِسْنَ غُصُوناً في مُتونِ رِمالِ
أَرى نَظَراتِ الصَبِّ يَعْثُرْنَ دُونَها … بِأَعْرافِ جُرْدٍ أَوْ رُؤوسِ عَوالِ
عَرَضْنَ عَلَيَّ الوَصْلَ ، وَالقَلْبُ كُلُّهُ … لَدَيْكِ ، فَأَنّى يَبْتَغِينَ وِصالِي
وَهُنَّ مِلاحٌ غَيْرَ أَنَّ نَواظِراً … تُدِيرِينَها ، زَلَّتْ بِهِنَّ نِعالي
وَلَولاكِ ما بِعْتُ العِراقَ وَأَهلَهُ … بِوادِي الحِمى ، والْمَنْدَلِيَّ بِضالِ
فَما لِنساءِ الحَيِّ يُضْمِرْنَ غَيْرَة ً … سَبَتْها العَوالي، ما لَهنَّ وما لي؟
وَلوْ خَالَفَتْني في مُتَابَعَة ِ الهَوى … يَمِينِيَ ما واصَلْتُها بِشِمالِي
وَفِيكِ صُدودٌ مِنْ دَلالٍ ، أَظُنُّهُ … عَلى ما حَكَى الواشي صُدودَ مَلالِ
قَنِعْتُ بِطَيْفٍ من خيالكِ طارقٍ … وأيُّ خيالٍ يهتدي لخيالِ
فلا تنكري سَيْري إليكِ على الوَجى … رَكائِبَ لا يُنْعَلْنَ غَيْرَ ظِلالِ
إِذا زُجِرَتْ مِنْهُنَّ وَجْناءُ خِلْتَها … وقد مَسَّها الإعْياءُ ، ذاتَ عِقالِ
وَخَوْضِي إِلَيْكِ اللَّيْلَ أَرْكَبُ هَوْلَهُ … وَإنْ بعَدَ المَسرى فَلَسْتُ أُبالي
وَلا تَقْبَلي قَوْلَ العَذولِ فَتَنْدَمِي … إذا قَطعَتْ عَنْكِ الوُشاة ُ حِبالي
سَلِي ابنيَ نِزارٍ عَنْ جُدودِي بَعْدَما … سَمِعْتِ بِبَأْسِي إِذْ هَزَزْتُ نِصالي
هَلِ اشْتَمَلَتْ فِيهِمْ صَحيفَة ُ ناسِبٍ … على مِثْلِ عَمِّي يا أُمَيمَ، وخَالي
فَهَلْ مَلْثَمُ اللَّبَّاتِ رُمْحِي إِذا دَعَا … مَصاليِتُ يَغْشُونَ المِصاعَ نَزالِ
فَلا تُلْزِميني ذَنْبَ دَهْرٍ يَسُومُني … على غِلَظِ الأَيَّامِ رِقَّة َ حالِ
وَتَمْشي الهُوَيْنَى بَيْنَ جَنْبَيَّ هِمَّة ٌ … تَذُمُّ زَماناً ضاقَ فيهِ مَجالي
وَعِنْدَ بَنيهِ حِينَ تُخْشَى بَناتُهُ … قُلوبُ نِساءٍ في جُسُومِ رِجالِ
وَلا تُنْكِري ما أشْتَكي مِنْ خَصاصَة ٍ … عَرَفْتُ بِها البَأساءَ منذُ لَيالِ
فَبِالتَّلِعاتِ الحُوِّ مِنْ أَرْضِ كُوفَنٍ … مَبارِكُ لا تُدْمِي صُدُورَ جِمالي
يَحُوطُ حِماها غِلْمَة ٌ أُمَويَّة ٌ … بِخَطِّيَّة ٍ مُلْسِ المُتونِ طِوالِ
وَكُلُّ رَميضِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدٍ … كَأَنَّ بِغَرَبيهِ مَدَبَّ نِمالِ
ضَرَبْنَ بِأَلحيهِنَّ، وَالرِّيحُ قَرَّة ٌ … على قُلَّتَيْ أَرْوَنْدَ غِبَّ كَلالِ
فَما رَعَتِ القُرْبَى قُرَيْشٌ ، ولا اتَّقَتْ … عتابي، وَلَمْ يَكْسِفْ لِذلِكَ بالي
وَأَكْرَمَ مَثْواها وَأَمْجَدَها القِرَى … بَنو خَلَفٍ حَتَّى حَطَطْتُ رِحالي
وَفازُوا بِحَمْدي إذْ ظَفِرْتُ بِوُدَّهُمْ … فَلَمْ أَتَعَرَّضْ بَعْدَهُ لِنَوالِ
مَغاويرُ مِنْ أَبْناءِ بَهْرامَ ذادَة ٌ … بِهِمْ تُلْقَحُ الهَيْجاءُ بَعْدَ حِيالُ
يَهَشُّونَ لِلعافي كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ … صُدورُ سُيوفٍ حُودِثَتْ بِصِقالِ
فَصاحَبْتُ مِنْهُمْ كُلَّ قَرْمٍ حَوَى العُلا … بِمَلْثُومَة ٍ في الجُودِ ذاتِ سِجالِ
وَبَذَّ الحَيا إذْ جادَ، واللَّيْثَ إذْ سَطا … عَلى القِرْنِ ، في أُكْرُومَة ٍ وَصِيالِ
يَرى بِسِنانِ الزَّاغِبِيَّة ِ كَوْكَباً … فَيَطْعَنُ حَتّى يَنْثَني كَهِلالِ
وَلا يَتَخَطَّى مَقْتَلاً، فَكَأَنَّهُ … لَدى الطَّعْنِ يَعْشُو نَحْوَهُ بِذُبالِ
رَعَى حُرُماتِ المَجْدِ فِيَّ تَكَرُّماً … وقد شَدَّ عَزْمي لِلْمَسيرِ قِبالي
وَأَيْقَنَ أَنِّي لا أَلُوذُ بِبَاخِلٍ … يُضَيِّعُ عِرْضاً في صِيانَة ِ مالِ
وَكُنْتُ خَفيفَ المَنْكِبَيْنِ فَأُكْرِهَا … على مِنَنٍ طُوِّقْتُهُنَّ ثِقالِ
وَحُزْتُ نَدى ً ما شَانَهُ بِمِطالِهِ … وَحازَ ثَناءً لَمْ يَشِنْهُ مِطالي
فَسُقْتُ إليهِ الشُّكْرُ بَعْدَ سُؤالِهِ … وَساقَ إلَيَّ العُرْفَ قَبْلَ سُؤالِي