أَما وَتَجَنِّي طَيْفِها المَتأَوِّبِ … لَيالِيَ رَوَّحْنا المَطايَا بِغُرَّبِ
لقد زَارَني وَالعَتْبُ يَقْصُرُ خَطوَهُ … وَأَحبِبْ بِهِ مِنْ زائِرٍ مُتَعَتِّبِ
يُواصِلُنا وَاللَّيْلُ غَضٌّ شَبابُهُ … وَيَهْجُرُ إن شابَتْ ذَوائِبُ غَيْهَبِ
فما لي وَللطيَفِ المُعاوِدِ مَوْهِناً … سَرى كَاختطافِ البارقِ المُتَصَوِّبِ
وقد كُنتُ راجَعْتُ السُّلُوَّ عَن الصِّبا … وَأَضْمَرْتُ تَوْديعَ الغَزالِ المُرَبَّبِ
وَرُحْتُ غَبِيَّ السِّنِّ عَنْ كلِّ مضحَكٍ … وَمُنْكَسِرَ الأَلحاظِ عَنْ كُلِّ مَلْعَبِ
على حِينَ نادَى بِالظَّعائِنِ أَهْلُها … وَلَمْ يَحْذَروا العُقْبى لِما في المُغَيَّبِ
وَأَوْدَى قِوامُ الدّينِ حتّى توَلَّعَتْ … صُروفُ اللَّيالي فَرَنَّقْنَ مَشْرَبي
سَأَذْكُرُهُ لِلرَّكْبِ كَلَّتْ مَطْيُّهُمْ … وَلِلسَّفْرِ إذْ أَعْياهُمُ وَجْهُ مَطْلَبِ
وَلِلآمِلِ الصّادي مَتى يَبْدُ مَنهَلٌ … وَلَمْ يَكُ مِن أَحْواضِهِ يَتَنَكَّبُ
وَلَولا نِظامُ الدِّينِ كانَتْ لُحومُنا … وَإنْ كَرَُمَتْ نُهْبى نُسورٍ وَأَذْؤُبِ
وما زالَ مِنْ أَبْناءِ إسْحاقَ كَوْكَبٌ … يَلوحُ إذا وَلّى الزَّمانُ بِكَوْكَبِ
وَلَمّا أَتانِي أَنَّهُ قَمَعَ العِدا … هَتَفَتُ بِآمالٍ روازِحَ لُغَّبِ
وَقُلْتُ لِصَحْبي بادِرُوا الصُّبحَ نَبْتَكِرْ … على بابِليٍّ في الزُّجاجَة ِ أَصْهَبِ
له مَشْرِقٌ في أَوْجُهِ الشَّرْبِ بَعْدَما … تُصَوِّبُ ما بينَ اللُّها نَحْوَ مَغْرِبِ
كَأَنَّ الحَبابَ المُسْتَطيرَ إذا طَفا … لآَلِىء ُ إلاَّ أَنَّها لَمْ تُثَقَّبِ
وَمِنْ أَرْيَحيَّاتي، وَلِلرَّاحِ نَشْوَة ٌ … متى تَدُرِ الكَأَسُ الرَّوِيَّة ُ أَطْرَبِ
فَظَلْنا بِيْومٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَهُ … نَشاوَى ، وَلَمْ نَحْفِلُ عِتابَ المُؤنِّبِ
تَنِمُّ إلينا بِالسُّرورِ مزَاهِرٌ … يُغازِلْنَ أَطْرافَ البَنانِ المُخَضَّبِ
إذا كُنْتَ جاراً لِلْحُسَيْنِ فَلا تُبَلْ … رِضَى المُتَجَنّي فَاتْرُكِ الدَّهْرَ يَغْضَبِ
أَخَو عَزْمَة ٍ تُغْنِي إذا الأَمْرُ أَظْلَمَتْ … جَوانبُهُ، عَنْ باتِرِ الحَدِّ مِقْضَبِ
وَيَسْمو إلى أَعْدائِهِ مِنْ كُماتِهِ … وَآرائِهِ في مِقْنَبٍ بَعْدَ مِقْنَبِ
وَيَرْميهمُ، وَاليَوْمُ دامٍ عَجاجُهُ … بِجُرْدٍ يُبارِينَ الأعِنَّة َ شُزَّبِ
وَيَكْنُفُهُ نَصْرٌ يُناجي لِواءهُ … إذا ما هَفا كَالطائِرِ المُتَقَلِّبِ
فللِّهِ مَيمونُ النَّقيبَة ِ، إن غزا … أَراحَ إلَيهِ مالَهُ كُلُّ مُغْرِبِ
يَقولُ لِمُرْتادِ السَّماحَة ِ مَرْحَباً … إذا النِّكْسُ لَوّى ماضِغَيْهِ بِمَرْحَبِ
وَيُلْقي لَدَيْهِ المُعْتفونَ رحالَهُمْ … بِأَفْيَح لا يَعْتادُهُ المَحْلُ مُخْضِبِ
حَلَفْتُ بِأَيدي الرّاقِصاتِ إلى منى … يُبارِينَ وَفْدَ الرِّيْحِ في كُلِّ سَبْسَبِ
عَلَيها غُلامٌ لاحَهُ السَّيرُ والسُّرى … بِهِ قَلَقٌ مِنْ عَزْمِهِ المُتَلَهِّبِ
وَهَزَّ الفَيافي عُودَهُ إذْ تَشَبَّثَتْ … يَدُ الدَّهْرِ مِنْهُ بِاللِّحاءِ المُشذَّبِ
فَلَمْ يَدَّرِعْ وَالشّمسُ كادَ أُوارُها … يُذيبُ الحَصى ، ظِلَّ الخِباءِ المُطَنَّبِ
فما زال يَطويها وَيَطوينَه الفَلا … إلى أَنْ أَنَخْناهُنَّ عِندَ المُحَصِّبِ
لأَوْهَيْتَ أَرْكانَ العَدُوِّ بِكاهِلٍ … تُحَمِّلُهُ عِبْءَ المَعالي، وَمَنْكِبِ
وَمَنْ يَتَصَدَّى لِلْوِزارَة ِ جاهِداً … وَيَمْسَحُ عِطْفَ المَطْلَبِ المُتَعَصَّبِ
فَقَدْ نَزَعَتْ وَلَهى إليكَ، وَخَيَمت … بِخَيْرِ فَتى ً، وَاستَوْطَنَتْ خَيْرَ مَنْصِبِ
وَشَتَّانَ ما بَيْنَ الوَزيرَيْنِ : وادِعٍ … أَتَتْهُ العُلا طَوْعاً ، وَآخَرَ مُتْعَبِ
فَحَسْبُ أَبيكَ مَفْخَراً أَنَّكَ ابنُهُ … كَما أَنَّهُ ناهيكَ في الفخْرِ مِنْ أَبِ
بَقِيتَ وَلا زالَتْ تَروحُ وَتَغْتَدي … إليكَ المَساعي غَضَّة َ المُتَنسَّبِ
ولا بَرِحَ الحُسّادُ يَكْسو وليدهُمْ … لَواعِجُ مِنْ هَمٍّ غَدائِرَ أَشْيَبِ