أَلاَ منْ لِمطْرُوبِ الْفُؤَادِ عمِيدِ … ومنْ لِسِقيمٍ باتَ غَيْرَ معودِ
بِأُمِّ سعِيدٍ جفْوة ٌ عنْ لِقائه … وإِنْ كَانتِ الْبلْوى بأمِّ سعِيد
إِذَا قُلْتُ: داوي منْ أصبْت فُؤادَهُ … بِسُقْمِكِ، دَاوَتْهُ بِطُولِ صُدُودِ
وإن جيد منتهُ المنى بلقائه … خلاَيَا وَلاَ يَلْقَاهُ، غَيْرَ مَجُودِ
كأن عليها ألوة ً لا تسرهُ … بجائزة منها ولا بشديد
وَجَلَّدَنِي عَنْهَا الْبَريءُ مِنَ الْهَوَى … وَلَسْتُ عَلى هِجْرَانِهَا بِجَلِيدِ
فقلت لهُ: بعض الملامة إنني … على اللوم منها ضامنٌ لمزيد
أعد سجودي بالحصى وتلومني … ولولا الهوى أوهمت بعض سجودي
كأن بقلبي جنة ً تستفزهُ … بِنِسْيَانِ مَا صَلَّيْتُ غَيْرَ عَدِيدِ
شغلْتُ بِها نفْسِي فلسْتُ بفارِغ … لِدانٍ يُرجِّيني ولا لِبعيدِ
أدرُّ لِسُعْدى عنْ لِبانِ مودَّتِي … صفاءً وإِنْ همَّتْ لنا بِجُمُودِ
وإني لوصال لأخلاق حبلها … وما كنت وصالاً لغير جديد
وكل امرئ ساع وللنفس غاية ٌ … وما الداء إلا الداء غير ودود
ورائحة ٍ لِلْعَيْنِ مِنْها مَخِيلة ٌ … إذا برقت لم تسق بطن صعيد
مِن الْمُسْتِهلاَّتِ الْهُمُومَ علَى الْفَتى … خَفَا برْقُها مِنْ عُصْفُرٍ وعُقُودِ
حسدْتُ عليْها كُلَّ شيء يَمَسُّها … وما كُنْتُ لَوْلاَ حُبُّها بِحَسُودِ
فمن لامني في الغانيات فقل له: … تعِشْ واحِداً لا زلْتُ غَيْرَ وحِيدِ
وأصفر مثل الزعفران شربته … على صوت صفراء الترائب رود
ربَيبة ِ سِتْرٍ يعْرِضُ الموْتُ دُونها … زئير أسود تابعات أسود
كأنّ أمِيراً جالِساً في حِجابِها … تُؤمِّلُ رُؤْيَاهُ عُيُونُ وُفُودِ
أهبت بنات الصدر بعد رقادها … فأصبحن قد وافين غير رقود
ثقيلة ما بين البرين إلى الحشا … وما الدّاءُ إلاّ غَيْرَ وَدُودِ
تروح بمثل الأيم فوق نطاقها … ويا لك من وجهٍ هناك وجيدِ
مِن الْبِيضِ لمْ تسْرحْ على أهْلِ غُنَّة ٍ … وقيراً ولم ترفع حداج قعود
كأن لساناً ساحراً في لسانها … أعين بصوتٍ كالفرند حديد
كأن رِياضاً فُرِّقتْ في حديثِها … على أن بدواً بعضه كبرود
تميت بها ألبابنا وقلوبنا … مِرَاراً وتُحْيهِنّ بعْدَ هُمُودِ
إذا نظقت صحنا وصاح لنا الصدى … صياح جنودٍ وجهت لجنود
ظلِلْنا بِذاك الدَّيْدانِ الْيوْم كُلَّهُ … كأنَّا من الفِرْدوْسِ تحْت خُلُودِ
ولا بأس إلا أننا عند أهلها … شُهُودٌ وما ألْبابُنا بِشُهُودِ
فلما رأينا الليل شب ظلامهُ … وشُبَّ بِمِصْباحٍ لِغَيْرِ سُعُودِ
رجعنا وفينا شيمة ٌ أريحية ٌ … من العيش في ودٍّ لهن وجود
فلسنا وإن هز العدوُّ سوادنا … عن اللَّهْوِ ما عَنِّ الصِّبَا بِقُعُودِ