أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما … وإنَّك لم تبرح عزيزاً مكرّما
تذلّ لك الأبطال وهي عزيزة ٌ … إذا اتخدمت يمناك للبأس مخذما
ويا ربّ يوم مثل وجهك مشرقاً … لبست به ثوباً من النقع مظلما
وأبزغت من بيض السيوف أهلَّة ْ … وأطْلَعْتَ من زُرقِ الأسنّة أنجما
وقد ركِبَتْ أُسْد الشرى في عراصِه … من الخيل عقباناً على الموت حوّما
ولما رأَيتُ الموتَ قطَّب وجهه … وألفاك منه ضاحكاً مبتسّما
سَلَبْتَ به الأرواح قهراً وطالما … كسوتَ بقاع الأرض ثوباً معندما
أرى البصرة الفيحاء لولاك أصْبَحتْ … طلولاً عفتْ بالمفسدين وأرسما
وقالوا وما في القول لسامع … وإنْ جَدَعَ الصّدقُ الأُنوفَ وأرغما
حماها سليمان الزهير بسيفه … منيع الحمى لا يستباح له حمى
تحفّ به من أهلِ نجدٍ عصابة … يرون المنايا لا أباً لك مغنما
رماهم بعين العزِّ شيخٌ مقدَّمٌ … عليهمْ وما کختاروه إلاّ مقدّما
بصيرٌ بتدبير الأمور وعارف … عليمٌ فما يحتاج أنْ يتَعَلّما
أأبناءُ نجدٍ أَنْتُم جمرة الوغى … إذا اضطرمت نار الحروب تضرُّما
وفي العام ما شيدَّتُموها مبانياً … من المجد يأبى الله أنْ تَتَهدَّما
وما هي إلاَّ وقعة ٌ طار صيتها … وأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهما
رَفَعْتُم بها شأن المنيب وخضتُمُ … مع النقع بحراً بالصناديد قد طمى
غداة َ دعاكم أمرهُ فأجبتمُ … على الفور منكم طاعة ً وتكرّما
وجرَّدكم فيها لعمري صوارماً … إذا وصلتْ جمع العدو تصرّما
ومن لم يجردّ سيوفاًعلى العدى … نبا سيفه في كفّه وتثلّما
وإنَّ الذي يختار للحرب غيركم … وقد ظنَّ أنْ يُغنيه عنكم توهما
كمن راح يختار الضلال على الهدى … وعوِّض عن عين البصيرة بالعمى
ومن قال تعليلاً لعلّ وربّما … فماذا عسى تغني لعلّ وربما
عليكم إذا طاش الرجال سكينة … تزلزلُ رضوى أو تبيد يلملما
ولما لَقِيتُم من أَرعدْتُم لقاءَه … رَمَيْتُم به الأَهوال أبْعَدَ مُرتمى
صبرتم لها صبر الكرام ضراغماً … وأقتحمتموها المرهفات تقحمّا
وأوردتموها شرعة َ الموت منهلاً … تذيقُهمُ طعْم المنيّة علقما
وما خاب راجيكم ليومٍ عصبصبٍ … يريه الردى يوماً من الروع أيوما
وجرّدَكم لِلضَّرب سيفاً مهنّداً … وهزّكم للطعنِ رمحاً مقوّما
ومن ظنَّ أنَّ العزَّ في غير بأسكم … وهى عزُّه في زعمه وتندّما
وما العزّ إلاّ فيكم وعليكم … وما ينتمي إلاّ إليكم إذا انتمى
إذا ما قعدتم في الأمور وقمتمْ … عليها حُمِدْتُم قاعدين وقوّما
وما سُمِعت منكم قديماً وحادثاً … رواية من يروي الحديث تَوَهُّما
وإنْ قلتم قولاً وما انثنى … بكم عزمكم إنْ رام شيئاً وصمّما
ولما أتاكم بالأمان عدوّكم … وعاهدتموه أنْ يَعُودَ ويَسْلَما
وفيتم له بالعهد لم تعبأوا بمن … أشارَ إلى الغدر الكمين مجمجما
ولو مدّ من نأيته عنكم يداً … لعاد بحد السيف أجْدَعَ أجْذما
وفيما مضى يا قوم أكبر عبرة … ومن حقِّه إذ ذاك أنْ يترسَّما
أَيَحْسَبُ أنَّ الحال تُكْتَمُ دُونكم … وهيهات أَنَّ الأَمْرَ قد كان مبهما
فأَظْهَرَ مستوراً وأَبْرَزَ خافياً … وأَغَرَب عمّا في الضمير وتَرْجَما
أَمُتَّخِذَ البيض الصوارم للعلى … طريقاً وسمر الخطّ للمجد سلّما
نصرت بها هذا المنيب تَفَضّلاً … وأَجْريْتَ ما أَجْرَيْتَ منك تكرما
على غلمة في الناس لله درُّه … تصرّف فيها همّة وتقدّما
تأثَّل في أبطاله ورجاله … فلم يُغنِ سِحْرٌ غاب عنه مكتما
وقلَّبها ظهراً لبطن فلم يجد … نظيرك من قاد الخميس العرموما
هنالك وَلى الأَمْر من كان أهْلَه … فبخل في كل النفوس وعظما
وطال على تلك البغاة ببأْسِه … وحكّم فيهم سيفه فتحكما
وقد يدركُ الباغي النجاة إذا مضى … ولكن رأى التسليم للأَمْر أسْلَما
وما سبق الوالي المنيب بمثلها … وفاق ولاة الأمر ممن تقدَّما
سليمان ما أبقيت في القوس منزعاً … ولا تركت يمناك للبذل درهما
كشفت دجاها بالصوارم والقنا … وقد كان يلفى حالك اللون أسحما
فأصبحت في تاج الفخار متوَّجاً … وفي عمَّة المجد الأئيل معمّما
إليك أبا داود نزجي ركائباً … ضوامرَ قد غودرن جلداً وأعظما
رمتنا فكنّا بالسرى عن قسيها … وقد بريت من شدة السير أسهما
فأكرمتَ مثوانا ولم تر أعينٌ … من الناس أندى منك كفاً وأكرما
لأحظى إذا شاهدت وجهك بالمنى … وأشكر من نعماك الله أنعما
وأُهدي إلى علياك ما أستَقِلُّه … ولو أنَّني أهديتُ درّاً منظما
فحبُّك في قلبي وذكرك في فمي … ألذُّ منالماء الزلال على الظَّما