أمنزل ذات الخال حييت منزلا … وان كان قلبي فيك بالوجد مبتلى
لك الله قلباً لا يزال مقيداً … بشجوٍ ودمعاً لا يزال مسلسلا
يعبر عن سر الهوى وأضيعه … فيا لك دمعاً معرباً راح مهملا
كفى حزناً أن لا أراقب لمحة … ولا أنظر اللذات الا تخيّلا
ولا أستزير الطيف خوف فراقه … لما ذقت من طعم التفرق أولا
وأقسم لو جاد الخيال بزورة ٍ … لصادف باب الجفن بالفتح مقفلا
وأغيد قد أضنى العواذل أمره … فقل في أسى أضنى محباً وعذّلا
غرير رنت أجفانه ووصفنه … فراح كلانا في الورى متغزلا
اذا شئت أن أشدو بأوصاف ثغره … بدأت ببسم الله في النظم أولا
حذار عوادي القتل من سيف طرفه … فما كسر الاجفان الا ليقتلا
بليت به ساجي اللحاظ كليلها … وما زال تعذيب الكليلة أطولا
اذا ما بدا أو ماس أو صان أورنا … فما البدر والخطيّ والليث والطلا
وقالوا أتحكيه الغزالة في الضحى … فقلت ولا لحظ الغزالة في الفلا
فلا تنكرا منه حلاوة لحظه … فذاك أراه بالنعاس معسلا
ولا تعجبا من ردفه وثباته … فلولا وشاحا عطفه لتهيلا
غدا البدر أن يحكي سناه وانما … رأى مللا من خلقه فتنقلا
وماثل ريق النحل لذة ريقه … فقال اللمى ما أخجل المتنحلا
تبارك من جلى صحائف أوجهٍ … وأوضح آيات الثغور ورتلا
و شيد للملك المؤيد رتبة … من المجد تملي المادح المتوسلا
مليك رقى قبل الصبا كاهل العلى … فكيف وقد أبصرته متكهلا
كريم الثنا نال الكواكب قاعداً … وجاوزغايات العلى متمهلا
تخاف الغوادي من نداه كسادها … وما نفحت كفاه الا لتفعلا
يقولون أعدى باليمين يساره … فجادت فمن أعدى الذي جاد أولا
و من في المعالي قد تقدم ورده … أجل انها عادات آبائه الاولى
ملوك اذا قام الزمان لمفخر … غدا بليالي ملكهم متجملا
كرام ثووا ثم استقل حديثهم … فأحزن في عرض البلاد وأسهلا
أناملهم تحت الثرى ربع مائه … وأقدامهم يكفيه أن يتزلزلا
رقوا ما رقوا من سؤدد ثم قوضوا … فزاد على ما أنهجوه من العلا
هنيئاً لدست الملك بدراً وغرة … اذا انهلّ في يوم الندى وتهللا
دع الغيث سار البرق والطود راسياً … ويممه ان راع الزمان وأمحلا
لراحة اسماعيل أصدق موعداً … وساحته الفتحاء أمنع مقفلا
هنالك تلقى أنعماً تترك الثرى … يراد وعزماً يترك الماء يصطلى
و أصيد من نسل الملوك اذا انتدى … رأيت معماً في السيادة مخولا
أخا كرم تبغي العواذل عطفه … فتلقاه أندى ما يكون معذلا
دنا رفده قيد الوريد وانما … ترفع حتى خاطب النجم أسفلا
فداه كرام العالمين فإنه … أبرهم مالاً وأشرف موئلا
اذا فاخر الانداد جاء فخاره … بهذا الثنا يستوقف المتأملا
و بالعلم وضاح الهدى متألقاً … وبالحلم فيّاح الجنا متهدلا
و بالمنطق الأزكى أسد محرراً … وبالسؤدد الأجلى أغرَّ محجّلا
و بالزهد موصول القيام كأنما … يغازل طرفاً من دجى الليل أكحلا
وبالبأس سل عنه الصوارم في الوغى … وكانت مواضي البيض أفصح مقولا
و ما هي الاهمة ملكية … قضى عزمها فرض العلى وتنفلآّ
يخص سجاياها الوفا وهو مسلم … وكان يهودياً يخصّ السموألا
و يغني عن الأمداح مشهور فضلها … وماالصبح محتاج الى الوصف والحلى
و ما الشمس في أفق السماء منيرة … تخال بها من ضحوة الغيظ أفكلا
بأوضح للأبصار من مجده الذي … توقد حتى لم تجد متوقلا
ثنى رجله فوق النجوم ولو علت … وطالت ثنى باعيه أعلى وأطولا
و ما روضة خاطت بها إبرة الحيا … من الودق ثوباً علق الوشي مسبلا
بأعبق من أوصافه الغرّ نفحة … وابرع من ألفاظه الزهر مجتلى
أوابد قد أعيي امرء القيس قبلنا … سنا نجمها الهادي فمات مضللا
له راحة ضمت يراعاً ومرهفاً … كأنهما زاداه بالمكث أنملا
يراعاً اذا مدته يمناه بالندى … رأيت عباب البحر قد مدَّ جدولا
وسيفاً كأن القين سوَّاه جذوة … فلو لم يعاهد بالطلا لتأكلا
مبيد لو أن المرء ضاعف درعه … ومثله في نفسه لتجدَّلا
يؤيد خديه يدٌ ضربت به … دراكا فما تحتاج كالبيض صيقلا
ألا ربَّ شأوٍ رامه فتسهلت … رباه وصعبٍ راضه فتذللا
وجيش كأن الجو قد مدّ أنجما … عليه ووجه الأرض أنبت دبلا
كأن عتاق الطير بين رماحه … بنودٌ تهاوى للطعان وتعتلى
اذا نبضت يوماً بواد قسيه … تلبس ثوب النقع بالنبل مجملا
رماه بعزمٍ فانجلى ليل خطبه … ولو رامه الصبح المنير لما انجلى
وذي ظمأة بادي الخمول توعّرت … عليه مساري الرزق حتى تحيلا
علا وارتوى لما دعاه كأنما … يشافه من حوض الغمامة منهلا
وبيداء مقفار اليه قطعتها … فلاقيتَ معلوماً وفارقت مجهلا
وقلت لخلي انزلاني فهذه … منازله ثمَّ أعقلا وتوكلا
هنالك عاهدت الرياض أنيقة … ترّف وجاورت الغمائم همَّلا
وقضيت في ظل النعيم ليالياً … لو انتقضت كانت كواكب تجتلى
ولا عيب في نعمائها غير أنها … تجود فتوهي الكاهل المتجملا
وإني اذا أجهدت مدحي فإنما … قصارايَ منها أن أقول فأخجلا
لبابك يا ابن الأكرمين بعثتها … أؤانس من مدح عن الغير جفلا
وأرسلتها غرّاء كالغصن يانعا … وزهر الربى ريّان والريح سلسلا
ممنعة المغزى تجرّ برأسه … جريراً وتلقي من جرى الكلب جرولا
شببت لها فكري وفاحت حروفها … كأني قد دخنت في الطرس مندلا
واعتقت رقي من خمول عهدته … فخرت ولا قلبي وللمعتق الولا
وأنت الذي أسعفتني فصنعتها … ولولا الحيا لم يصبح الترب مبتلا
فلو رامها الطائي من قبل لم يقل … لهان علينا أن نقول ونفعلا
وكم مثلها أهديتها طيّ مدرج … تكاد لفرط الشوق أن تتسللا
يفوه بها الراوي فيملأ لفظها … فم الخلّ درًّا أو فم الضد جندلا
جمعت بنعمى راحتيك فنونها … كما جمع السلك الجمانَ المفصّلا
ومثلك من حّلت أياديه حسنها … فزاد وثنى حظها فتكملا
بقيت لهذا الدهر تبسط إن أسا … يديك فما ينفك أن يتنصلا
ودمت لشأوِ المجد بالطول راقيا … وممن طلب المجد العليَّ تطولا
حلفت يميناً ليس مثلك في الورى … فما شرع الاسلام أن أتحللا