ألا هكذا فليسم للمجد من سما … ويحم ذمار الملك والدين من حمى
وإلا فللمنصور غايات ما شآ … إليه بني الدنيا وأغراض من رمى
وحق لمن لاقى فأقدم سيفه … على غمرات الموت أن يتقدما
ومن حقرت مستعظم الهول نفسه … إذا الخيل كرت أن يكون المعظما
ومن مل أنس المال حتى تحكمت … على ما حوت كفاه أن يتحكما
ومن حمت العلق النفيس سيوفه … من الضيم أن تختار مرتبع الحما
ومن تيمته أوجه المجد أن يرى … وقلب العلا صبا إليه متيما
ولله يا منصور آراؤك التي … بنيت بها نحو الكواكب سلما
وهذا عظيم الشرك قد جاء خاضعا … وألقى بكفيه إليك محكما
سليل ملوك الكفر في ذروة السنا … ووارث ملك الروم أقدم أقدما
توسط أنساب القياصر فانتمى … من الصيد والأملاك أقرب منتمى
ولما تقاضى غرب سيفك نفسه … وحاطت له الأقدار محتقن الدما
ولم يستطع نحو الحياة تأخرا … بفوت ولا نحو النجاة تقدما
تداركه المقدار في قبضة الردى … وخاطبه حنا عليه فأفهما
وبشره التأميل منك بعطفة … تلقى بها روح الحياة تنسما
فأشرع أرماح التذلل ظاعنا … وأصلت أسياف الخضوع مصمما
وقابله النصر الذي لك صفوه … مع السعد حتى احتازه لك مغنما
وقاد لحبل الرق نحوك نفسه … فلاقاك ممتنا ووافاك منعما
وحفت به للحاجب القائد الذي … أبى الدهر إلا ما أمر وأحكما
حماية آباء ومنعة قادر … يتيه على صرف الزمان محرما
فراح ذليلا ثم أضحى مبجلا … وأمسى مهانا ثم أصبح مكرما
وأصبح من حظ السلامة وافرا … بأن راح من عز الإمارة معدما
ولاقاك فاستخذى لديك تذللا … ليحتاز من أدنى رضاك ترحما
لئن خفرته منك ذمة قادر … لقد فارق الكفر الخذول مذمما
لئن سمته البأساء في عقر داره … لقد عضته في دار ملكك أنعما
لئن خاض في استقبالك الجود والندى … لقد خاض في آثارك النقع والدما
ومر يبكي من معاهد ملكه … معالم عفتها السيوف وأرسما
تراع بها الأجبال من رنة الصدى … ويذعر فيها الطير أن يترنما
بسطت له أمنا وقد بسط القنا … ثرى أرضه من هلها بك أعظما
سقيت به الإسلام أريا وطالما … سقاهم بكأس الموت صابا وعلقما
وها هو ذا في راحتيك مذللا … رهينا لما أمضيت فيه محكما
رمى نفسه قسرا إلى الملك الذي … رأى الدهر مملوكا له فتعلما
ولولا سيوف النصر حين انتضيتها … لقد جل هذا الصنع أن يتوهما
فجاء وقيد الروع يقصر خطوه … ويمتد في حبل الخضوع تقدما
يخاطب عن رعب وإن كان مفصحا … ويفصح عن ذعر وإن كان أعجما
إذا راعه هول الجنود فأحجما … تداركه ذكرى رضاك فأقدما
وما كر رجع الطرف إلا وضيغم … يساور في رعب الأسنة ضيغما
وأرقم يسطو بالهواء اضطرابه … يناهس في ليل من النقع أرقما
وعقبان أعلام تمر يخالها … على نفسه في معرك الحرب حوما
فلله يوم جل قدر عديده … وعدته عن مثلما وكأنما
جنود كأن الأرض من لمعانها … بروق تلالا أو حريق تضرما
سحاب من البيض الخوافق قد علا … وبحر من السرد المضاعف قد طمى
بكل كمي عامري كأنما … تسربل من شمس الضحى وتعمما
يحيي الأمير بالحياة مبشرا … وإن كان قد فاجاه بالموت معلما
وقد طالما لاقاه قرنا مساورا … فوشكان ما لاقاه حزبا مسلما
كأن النجوم الزهر حفت بوجهه … فأدته محروسا إلى قمر السما
فقابل وجها بالجمال متوجا … وقبل كفا بالسماح مختما
فهنيت يا منصور سعدا مجددا … وإقبال صنع بالبقاء متمما
ومليت من أسباط مجدك حاجبا … يباشر منه المجد والفخر مقدما
رميت به بحر الضلالة فانتهى … وجشمته عبء العلا فتجشما