ألا طرقتنا هند والركب هجع … وطاف لها مني خيال مروع
عجبت لها أني سرت فتعسفت … ظلام الدجى والليل أعبس أسفع
فأني اهتدت للركب والركب معرس … بحيث يظل الطير والوحش ترتع
وعهدي بها ترتاع من صوت وطئها … ومن فيها بين المقاصير تجزع
فقلت لها يا هند أهلا ومرحبا … وبت بها من ليلتي اتمتع
بضم وتقبيل على غير رقبة … وطيب وعناق ليس فيه تمنع
ألاحظ منها الوجه كالشمس تطلع … والثم منها الثغر كالمسك يسطع
وأرشف من فيها رضابا كأنه … معتقه راح بماء تشعشع
فيا طيب ليل بت فيه ممتعا … إلى أن بدا وجه من الصبح يشنع
فقمت حزينا آكل الكف حسرة … وأعلم أن قد كنت في النوم أخدع
أما ترحمي يا هند صبا متيما … وكاد اشتياقا قلبه يتقطع
يبيت وقد قرت بوصلك عينه … ويضحي وما في نظرة منك يطمع
فيا ليت شعري هل لوامق … سبيل وإلا هل عن الحب مرجع
بلى في هوى آل النبي محمد … لمثلي تعل عن هواك ومقنع
إلا إنما العبد الذي هو مؤمن … يقينا هو المرء الذي يتشيع
إذا أنا لم أهو النبي وآله … فمن غيرهم لي في القيامة يشفع
ومن يسقني ريا من الحوض شربة … هنالك إلا الأصلع الرأس انزع
ومن قائل للنار إذ ما وردتها … ذري ذا وجل الناس في النار وقع
ومن بلواء الحمد ثم يظلني … سواه وشمس الحشر في الوجه تلذع
علي وصي المصطفى ووزيره … وناصره والبيض بالبيض تقرع
وأكرم خلق الله صنو محمد … ومن ليس عن فضل إذا عد يدفع
ومن معه صلى وصام لربه … وللات قوم ساجدون وركع
فذاك أمير المؤمنين ومن له … فضائل ما كادت لخلق تجمع
هو الخاطر المختال يمشي بسيفه … إلى أهل بدر والأسنة تنزع
وقد زفت الحرب العوان إليهم … عليها حلي من قواضب تلمع
فجاشت لها نفس الشجاع مخافة … وقصر عنها الفارس المتسرع
وأحجم عنها المسلمون ولم يكن … ليثبت إلا رابط الجأش أروع
مشى باذلا للموت في الله نفسه … وأيده الله ما شاء يصنع
هناك برى هام الكماة بصارم … له من سيوف الهند ما مس يقطع
وفي خيبر فاسأل به آل خيبر … أمن ضربهم بالسيف هل كان يشبع
ألم يرد فيها مرحبا فارس الوغى … صريعا لجنبيه ذئاب وأضبع
أما فتح الحصن المشيد بناؤه … وقد كاع عنه قبل ذلك تبع
ومن قلعت يمنى يديه رتاجه … وقد قصرت عنه أكف وأذرع
ومن ذا سبى منه حصانا كريمة … يذب همام القوم عنها ويدفع
فقر رسول الله عينا بقربها … وقد طمعت منها نفوس تطلع
ومن ذا له قال النبي محمد … غداة تبوك حين قالوا وشنعوا
فغم أمير المؤمنين مقالهم … وكادت أماقيه من الحزن تدمع
فقام رسول الله منهم مبلغا … لهم فضله لو كان ذلك ينجع
فقال علي فاعلموا من نبيكم … كهارون من موسى فكفوا وأقلعوا
ومن ذا لهم في يوم خم إقامه … وقال لهم فيه مقالا فأجمعوا
فقال فمن قد كنت مولاه منكم … فهذا له مولى يطاع ويسمع
ومن حملته الريح فوق سحابة … بقدرة رب قدر من شاء يرفع
ومر بأصحاب الرقيم مسلما … فردوا من الكهف السلام فاسمعوا
ومن فجر الصخر الأصم لجنده … ففاض معينا منه للقوم ينبع
ومن لصلاة العصر عند غروبها … ترد له الشمس بيضاء تلمع
فصلى صلاة العصر ثم انثنت له … تسير كسير البرق والبرق مسرع
فيا لائمي في حبهم كف إنني … بحب أمير المؤمنين لمولع
ولا دنت إلا حب آل محمد … ولا شيء منه في القيامة أنفع
إذا العدل والتوحيد كانا وحبه … بقلبي فإني العابد المتطوع
أنا السيد القوال فيهم مدائحا … تمر بقلب الناصبين فتصدع
وفي يوم بدر حين بارز شيبة … بعضب حسام والأسنة تلمع
فبادره بالسيف حتى أذاقه … حمام المنايا والمنيات تركع
وصيره نهبا لذئب وقشعم … عليه من الغربان سود وأبقع
وفي يوم جاء المشركون بجمعهم … وعمرو بن عبد في الحديد مقنع
فجد له شلوا صريعا لوجهه … رهينا بقاع حوله الضبع تخمع
وأهلكهم ربي وردوا بغيظهم … كما أهلكت عاد الطغاة وتبع
وفي خاصف النعل البيان وعبرة … لمعتبر إذ قال والنعل ترقع
لأصحابه في مجمع إن منكم … وأنفسكم شوقا إليه تطلع
إماما على تأويله غير جائر … يقاتل بعدي لا يضل ويهلع
فقال أبو بكر أنا هو قال لا … فقال أبو حفص أنا هو فاسفع
فقال لهم لا لا ولكنه أخي … وخاصف نعلي فأعرفوه المرقع
وفي طائر جاءت به أم أيمن … بيان لمن بالحق يرضى ويقنع
فقال إلهي آت عبدك بالذي … تحب وحب الله أعلى وأرفع
ليأكل من هذا معي ويناله … فجاء علي من يصد ويمنع
فقال له أن النبي ورده … على حاجة فارجع وكل ليرجع
فعاد ثلاثا كل ذاك يرده … فأهوى بتأييد إلى الباب يقرع
فأسمعه القرع الوصي لبابه … فقال له أدخل بعدما كاد يرجع
وقال له يشكو وقد جئت مرة … وأخرى وأخرى كل ذلك أدفع
فسر رسول الله أكل وصيه … وأنف الذي لا يشتهي ذاك يجدع
وقال له ما أن يحبك صادق … من الناس إلا من إلا مؤمن متورع
ويقلاك إلا كافر ومنافق … يفارق في الحق الأنام ويخلع
فلما قضى وحي النبي دعا له … ولم يك صلى العصر والشمس تنزع
فردت عليه الشمس بعد غروبها … فصار لها في أول الليل مطلع
وأسكنه في مسجد الطهر وحده … وزوجه والله من شاء يرفع
مجاوره فيه الوصي وغيره … وأبوابهم في مسجد الطهر شرع
فقال لهم سدوا عن الله صادقا … فضنوا بها عن سدها وتمنعوا
فقام رجال يذكرون قرابة … وما ثم فيما يبتغي القوم مطمع
فعاتبه في ذاك منهم معاتب … وكان له عما وللعم موضع
فقال له أخرجت عمك كارها … وأسكنت هذا أن عمك يجزع
فقال له يا عم ما أنا بالذي … فعلت بكم هذا بل الله فاقنعوا
وقد كان في يوم الحدائق عبرة … وقول رسول الله والعين تدمع
فقال علي مم تبكي فقال من … ضغائن قوم شرهم أتوقع
عليك وقد يبدونها بعد ميتتي … فماذا هديت الله في ذاك يصنع
وفي يوم ناجاه النبي محمد … يسر إليه ما يريد ويطلع
فقالوا أطال اليوم نجوى ابن عمه … مناجاته بغي وللبغي مصرع
فقال لهم لست الغداة انتجيته … بل الله ناجاه فلم يتورعوا
فأبصر دينارا طريحا فلم يزل … مشيرا به كفا ينادي ويسمع
فمال به والليل يغشى سواده … وقد هم أهل السوق أن يتصدعوا
إلى بيع سمح اليدين مبارك … توسم فيه الخير والخير يتبع
فقال له بعني طعاما فباعه … فقال لك الدينار والحب أجمع
فلا ذلك الدينار أحمى تبره … ولا الحب مما كان في الأرض يزرع
فبايعه جبريل والضيف أحمد … فثم تناهى الخير والبر أجمع
وفي أهل نجران عشية أقبلوا … إليه وحجوا بالمسيح فأبدعوا
وردوا عليه القول كفرا وكذبوا … وقد سمعوا ما قال فيه وأورعوا
فقال تعالوا ندع أبناءنا معا … وأبناءكم ثم النساء فأجمعوا
وأنفسنا ندعو وأنفسكم معا … ليجمعنا فيه من الأصل مجمع
فقالوا نعم فأجمع نباهلك بكرة … وللقوم فيه شرة وتسرع
فجاءوا وجاء المصطفى وابن عمه … وفاطم والسبطان كي يتضرعوا
إلى الله في الوقت الذي كان بينهم … فلما رأوهم أحجموا وتضعضعوا
فقال له مه يا بريدة لا تقل … فإن برغمي في علي تتبع كذا
فمني علي يا بريدة لم يزل … وإني كذا منه على الحق نطبع
وليكم بعدي علي فايقنوا … وقائعه بعد الوقيعة تسرع
بتوبته مستعجلا خاب أنه … بسب علي في لظى يتدرع