أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا … وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ … وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا
بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ … كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا
وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ … هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَ
فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى … فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا
وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ … ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
سَأَلناها الشِفاءَ فَما شَفَتنا … وَمَنَّتنا المَواعِدَ وَالخِلابا
لَشَتّانَ المُجاوِرُ دَيرَ أَروى … وَمَن سَكَنَ السَليلَةَ وَالجِنابا
أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطَينِ مِنها … وَرَيّا حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا
وَلا تَمشي اللِئامُ لَها بِسِرٍّ … وَلا تُهدي لِجارَتِها السِبابا
أَباحَت أُمُّ حَزرَةَ مِن فُؤادي … شِعابَ الحُبِّ إِنَّ لَهُ شِعابا
مَتى أُذكَر بِخورِ بَني عِقالٍ … تَبَيَّنَ في وُجوهِهِمِ اِكتِئابا
إِذا لاقى بَنو وَقبانَ غَمّاً … شَدَدتُ عَلى أُنوفِهِمِ العِصابا
أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ … وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا
سَتَعلَمُ مَن يَصيرُ أَبوهُ قَيناً … وَمَن عُرِفَت قَصائِدُهُ اِجتِلابا
أَثَعلَبَةَ الفَوارِسِ أَو رِياحاً … عَدَلتَ بِهِم طُهَيَّةَ وَالخِشابا
كَأَنَّ بَني طُهَيَّةَ رَهطَ سَلمى … حِجارَةُ خارِئٍ يَرمي كِلابا
فَلا وَأَبيكَ ما لاقَيتُ حَيّاً … كَيَربوعٍ إِذا رَفَعوا العُقابا
وَما وَجَدَ المُلوكُ أَعَزَّ مِنّا … وَأَسرَعَ مِن فَوارِسِنا اِستِلابا
وَنَحنُ الحاكِمونَ عَلى قُلاخٍ … كَفَينا ذا الجَريرَةِ وَالمُصابا
حَمَينا يَومَ ذي نَجَبٍ حِمانا … وَأَحرَزنا الصَنائِعَ وَالنِهابا
لَنا تَحتَ المَحامِلِ سابِغاتٌ … كَنَسجِ الريحِ تَطرِدُ الحَبابا
وَذي تاجٍ لَهُ خَرَزاتُ مُلكٍ … سَلَبناهُ السُرادِقَ وَالحِجابَ
أَلا قَبَحَ الإِلَهُ بَني عِقالٍ … وَزادَهُمُ بِغَدرِهِمِ اِرتِيابا
أَجيرانَ الزُبَيرِ بَرِئتُ مِنكُم … فَأَلقوا السَيفَ وَاِتَّخِذوا العِيابا
لَقَد غَرَّ القُيونُ دَماً كَريماً … وَرَحلاً ضاعَ فَاِنتُهِبَ اِنتِهابا
وَقَد قَعِسَت ظُهورُهُمُ بِخَيلٍ … تُجاذِبُهُم أَعِنَّتَها جِذابا
عَلامَ تَقاعَسونَ وَقَد دَعاكُم … أَهانَكُمُ الَّذي وَضَعَ الكِتابا
تَعَشّوا مِن خَزيرِهِمُ فَناموا … وَلَم تَهجَع قَرائِبُهُ اِنتِحابا
أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهطَ عَوفٍ … وَجِعثِنَ بَعدَ أَعيَنَ وَالرَبابا
وَخورُ مُجاشِعٍ تَرَكوا لَقيطاً … وَقالوا حِنوَ عَينِكَ وَالغُرابَ
وَأَضبُعُ ذي مَعارِكَ قَد عَلِمتُم … لَقينَ بِجَنبِهِ العَجَبَ العُجابا
وَلا وَأَبيكَ ما لَهُم عُقولٌ … وَلا وُجِدَت مَكاسِرُهُم صِلابا
وَلَيلَةَ رَحرَحانِ تَرَكتَ شيباً … وَشُعثاً في بُيوتِكُمُ سِغابا
رَضِعتُم ثُمَّ سالَ عَلى لِحاكُم … ثُعالَةَ حَيثُ لَم تَجِدوا شَرابا
تَرَكتُم بِالوَقيطِ عُضارِطاتٍ … تُرَدِّفُ عِندَ رِحلَتِها الرِكابا
لَقَد خَزِيَ الفَرَزدَقُ في مَعَدٍّ … فَأَمسى جَهدُ نُصرَتِهِ اِغتِيابا
وَلاقى القَينُ وَالنَخَباتُ غَمّاً … تَرى لوكوفِ عَبرَتِهِ اِنصِبابا
فَما هِبتُ الفَرَزدَقَ قَد عَلِمتُم … وَما حَقُّ اِبنِ بَروَعَ أَن يُهابا
أَعَدَّ اللَهُ لِلشُعَراءِ مِنّي … صَواعِقَ يَخضَعونَ لَها الرِقابا
قَرَنتُ العَبدَ عَبدَ بَني نُمَيرٍ … مَعَ القَينَينِ إِذ غُلِبا وَخابا
أَتاني عَن عَرادَةَ قَولُ سوءٍ … فَلا وَأَبي عَرادَةَ ما أَصابا
لَبِئسَ الكَسبُ تَكسِبُهُ نُمَيرٌ … إِذا اِستَأنوكَ وَاِنتَظَروا الإِيابا
أَتَلتَمِسُ السِبابَ بَنو نُمَيرٍ … فَقَد وَأَبيهِمُ لاقوا سِبابا
أَنا البازي المُدِلُّ عَلى نُمَيرٍ … أُتِحتُ مِنَ السَماءِ لَها اِنصِبابا
إِذا عَلِقَت مَخالِبُهُ بِقَرنٍ … أَصابَ القَلبَ أَو هَتَكَ الحِجابا
تَرى الطَيرَ العِتاقَ تَظَلُّ مِنهُ … جَوانِحَ لِلكَلاكِلِ أَن تُصابا
فَلا صَلّى الإِلَهُ عَلى نُمَيرٍ … وَلا سُقِيَت قُبورُهُمُ السَحابا
وَخَضراءِ المَغابِنِ مِن نُمَيرٍ … يَشينُ سَوادُ مَحجِرِها النِقابا
إِذا قامَت لِغَيرِ صَلاةِ وِترٍ … بُعَيدَ النَومِ أَنبَحَتِ الكِلابا
وَقَد جَلَّت نِساءُ بَني نُمَيرٍ … وَما عَرَفَت أَنامِلُها الخِضابَ
إِذا حَلَّت نِساءُ بَني نُمَيرٍ … عَلى تِبراكَ خَبَّثَتِ التُرابا
وَلَو وُزِنَت حُلومُ بَني نُمَيرٍ … عَلى الميزانِ ما وَزَنَت ذُبابا
فَصَبراً يا تُيوسَ بَني نُمَيرٍ … فَإِنَّ الحَربَ موقِدَةٌ شِهابا
لَعَمروُ أَبي نِساءِ بَني نُمَيرٍ … لَساءَ لَها بِمَقصَبَتي سِبابا
سَتَهدِمُ حائِطَي قَرماءَ مِنّي … قَوافٍ لا أُريدُ بِها عِتابا
دَخَلنَ قُصورَ يَثرِبَ مُعلِماتٍ … وَلَم يَترُكنَ مِن صَنعاءَ بابا
تَطولُكُمُ حِبالُ بَني تَميمٍ … وَيَحمي زَأرُها أَجَماً وَغابا
أَلَم نُعتِق نِساءَ بَني نُمَيرٍ … فَلا شُكراً جَزَينَ وَلا ثَوابا
أَلَم تَرَني صُبِبتُ عَلى عُبَيدٍ … وَقَد فارَت أَباجِلُهُ وَشابا
أُعِدَّ لَهُ مَواسِمَ حامِياتٍ … فَيَشفي حَرُّ شُعلَتِها الجِرابا
فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ … فَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا
أَتَعدِلُ دِمنَةً خَبُثَت وَقَلَّت … إِلى فَرعَينِ قَد كَثُرا وَطابا
وَحُقَّ لِمَن تَكَنَّفَهُ نُمَيرٌ … وَضَبَّةُ لا أَبالَكَ أَن يُعابا
فَلَولا الغُرُّ مِن سَلَفي كِلابٍ … وَكَعبٍ لَاِغتَصَبتُكُمُ اِغتِصابا
فَإِنَّكُمُ قَطينُ بَني سُلَيمٍ … تُرى بُرقُ العَباءِ لَكُم ثِيابا
إِذاً لَنَفَيتُ عَبدَ بَني نُمَيرٍ … وَعَلَيَّ أَن أَزيدَهُمُ اِرتِيابا
فَيا عَجَبي أَتوعِدُني نُمَيرٌ … بِراعي الإِبلِ يَحتَرِشُ الضِبابا
لَعَلَّكَ يا عُبَيدُ حَسِبتَ حَربي … تَقَلُّدَكَ الأَصِرَّةَ وَالعِلابا
إِذا نَهَضَ الكِرامُ إِلى المَعالي … نَهَضتَ بِعُلبَةٍ وَأَثَرتَ نابا
يَحِنُّ لَهُ العِفاسُ إِذا أَفاقَت … وَتَعرِفُهُ الفِصالُ إِذا أَهابا
فَأَولِع بِالعِفاسِ بني نُمَيرٍ … كَما أولَعتَ بِالدَبَرِ الغُرابا
وَبِئسَ القَرضُ قَرضُكَ عِندَ قَيسٍ … تُهَيِّجُهُم وَتَمتَدِحُ الوِطابا
وَتَدعو خَمشَ أُمِّكَ أَن تَرانا … نُجوماً لا تَرومُ لَها طِلابا
فَلَن تَسطيعَ حَنظَلَتى وَسُعدى … وَلا عَمرى بَلَغتَ وَلا الرِبابا
قُرومٌ تَحمِلُ الأَعباءَ عَنكُم … إِذا ما الأَمرُ في الحَدَثانِ نابا
هُمُ مَلَكوا المُلوكَ بِذاتِ كَهفٍ … وَهُم مَنَعوا مِنَ اليَمَنِ الكُلابا
يَرى المُتَعَيِّدونَ عَلَيَّ دوني … أُسودَ خَفِيَّةِ الغُلبِ الرِقابا
إِذا غَضِبَت عَلَيكَ بَنو تَميمٍ … حَسِبتَ الناسَ كُلُّهُمُ غِضابا
أَلَسنا أَكثَرَ الثَقَلَينِ رَجلاً … بِبَطنِ مِنىً وَأَعظَمُهُ قِبابا
وَأَجدَرَ إِن تَجاسَرَ ثُمَّ نادى … بِدَعوى يالَ خِندِفَ أَن يُجابا
لَنا البَطحاءُ تُفعِمُها السَواقي … وَلَم يَكُ سَيلُ أَودِيَتي شِعابا
فَما أَنتُم إِذا عَدَلَت قُرومي … شَقاشِقَها وَهافَتَتِ اللُعابا
تَنَحَّ فَإِنَّ بَحري خِندِفِيٌّ … تَرى في مَوجِ جِريَتِهِ عُبابا
بِمَوجٍ كَالجِبالِ فَإِن تَرُمهُ … تُغَرَّق ثُمَّ يَرمِ بِكَ الجَنابا
فَما تَلقى مَحَلِّيَ في تَميمٍ … بِذي زَلَلٍ وَلا نَسَبي اِئتِشابا
عَلَوتُ عَلَيكَ ذِروَةَ خِندِفِيٍّ … تَرى مِن دونِها رُتَباً صِعابا
لَهُ حَوضُ النَبِيِّ وَساقِياهُ … وَمَن وَرِثَ النُبُوَّةَ وَالكِتابا
وَمِنّا مَن يُجيزُ حَجيجَ جَمعٍ … وَإِن خاطَبتَ عَزَّكُمُ خِطابا
سَتَعلَمُ مَن أُعِزُّ حِمىً بِنَجدٍ … وَأَعظَمُنا بِغائِرَةٍ هِضابا
أُعُزُّكَ بِالحِجازِ وَإِن تَسَهَّل … بِغَورِ الأَرضِ تُنتَهَبُ اِنتِهابا
أَتَيعَرُ يا اِبنَ بَروَعَ مِن بَعيدٍ … فَقَد أَسمَعتَ فَاِستَمِعِ الجَوابا
فَلا تَجزَع فَإِنَّ بَني نُمَيرٍ … كَأَقوامٍ نَفَحتَ لَهُم ذِنابا
شَياطينُ البِلادِ يَخَفنَ زَأري … وَحَيَّةُ أَريَحاءَ لي اِستَجابا
تَرَكتُ مُجاشِعاً وَبَني نُمَيرٍ … كَدارِ السوءِ أَسرَعَتِ الخَرابا
أَلَم تَرَني وَسَمتُ بَني نُمَيرٍ … وَزِدتُ عَلى أُنوفِهِمُ العِلابا
إِلَيكَ إِلَيكَ عَبدَ بَني نُمَيرٍ … وَلَمّا تَقتَدِح مِنّي شِهابا