أفي كلِّ ربع للمطِّي بنا وَقْفُ … وفي كل دارٍ من مدامعنا وكف
نسائِلُ عن أحبابنا كلَّ دارسٍ … ونقفو من الآثار بالبيد ما نقفو
أخلاي إن تعف الديار ففي الحشا … رسيس جوى ً لم يعف يوماً ولا يعفو
حنيني إلى دارٍ قضيتُ بها الصِّبا … وما عاقني للدَّهر منعٌ ولا صَرفٌ
وعهدي بهاتيك المعاهِد والرُّبى … أواهل لا ينفك يعطوبها خشف
تُطالعنا أقمارُ تمَّ بأفقِها … ويهفو علينا من شذا نشرها عرف
ورب صموت القلب خمصانة الحشا … لهوت بها والنجم في أذنها شنف
لعوبٌ إذا عاطتْكَ لهوَ حديثها … ثملت وما دارت معتقة ٌ صرف
يؤودها مر النسيم فتنثني … تثنِّيَ غصنِ البان ما شانَه قَصفُ
سل الظبية الغناء إذ قيل مثلها … أساعفها الكشح المهفهف والردف
ثقيلة غض الطرف وسنى كأنما … سبت سنة العشاق أجفانها الوطف
قضيتُ بها عُمرَ الشَّبيبة لاهياً … ولم ينتبه للبين في شملنا طرف
لياليَ لا يَصفو ورودي لمنهلٍ … ولي من حُميَّاها ومن ثغرِها رشفُ
وكم ليلة ٍ رامَ الصَّباحُ نزالها … أمد الدجى من فرعها الشعر الوحف
لك الله هل بعد التباعد عطفة ٌ … وهل لغصون قد عبست بعدنا عطف
أجد النوى ما زلت أكدح دائباً … أمام الرجا خلفٌ وصدق المنى خلف
لعمري ما الآمال من شيم الفتى … إذا لم تصدقه الظنون أو الكشف
وما كلُّ مرجوٍّ يُنالُ وإنَّما … على المرء أن لا يستذلَّ ولا يَهفو
هدى ً للأماني قد تبلج نجحها … بجود نظام الدين وانبلجَ العُرفُ
كريمٌ إذا ما انهلَّ وابلُ كفِّه … وصوب الحيا لم تدر أيهما الكف
حليف ندى ً لم تأو مالاً بنانه … لوفرٍ ولم يألفْ براحته ألْفُ
له خلقٌ كالروض غب بها الندى … وكفُّ سماحٍ لا يُشام لها كفُّ
فتى المجد وثَّابٌ إلى رُتب العُلى … وما عاقَه عنها خمولٌ ولا ضعفُ
رقى مرتقى ً لولا تأخر عصره … لجاءت به الآيات والرسل والصحف
يروقك مقداماً إذ الصيد أحجمت … بحيث القنا الخطار من فوقه سقف
ويسمو الحسام المشرفي بكفه … إذا ما التقى الجمعان واقترب الزحفُ
أليف العلى لم يصب إلا إلى العلى … إذا ما صبا يوماً إلى إلفه إلف
تقصَّت عِداهُ من مدى البين غاية ً … فلا دنت القصوى ولا بعد الحتف
رويداً فإن دانت رجالٌ بسلمها … وإلاَّ فهذي البيضُ واليلبُ الزَّعفُ
كأن المذاكي القربات يقودها … عرائسُ تُجلى إذ يُرادُ لها زَفُّ
وقد أسدلت من ثائر النقع دونها … سُتورٌ ولم يُرفع لمسدَلها سَجفُ
وما أينعت يوماً رؤوس عداته … بروض الوغى إلاَّ وحانَ لها قَطفُ
أربَّ العُلى والمجدِ والبأس والنَّدى … إليكَ فلولاَ أنتَ ما استغرق الوصفُ
شهدتُ لأنت الواحد الفرد في العُلى … وقد أنكر الإنكار أو عرف العرف
إليك الهدى ألقى مقاليد أمره … فأيقظته من بعد ما كاد أن يغفو
فأنت لهذا الخلق إن دان موئلٌ … وللدِّين والدُّنيا إذا نُكبا كهفُ
رقيت من العلياء أرفع رتبة ٍ … ففقت الورى قدماً وكلهم خلف
فلا برحت علياؤك الدهرَ عضَّة ً … غلائلها تضفو ومشربها يصفو
وأمَّكَ عيدُ النحر بالسعد مُقبلاً … وأم عداك النحر والذل والخسف
ودونكها عذراء بكراً زففتُها … إليكَ وداداً حَليُها النظمُ والرَّصفُ
ودم وابق واسلم آمر الدهر ناهياً … مدى الدهر إجلالاً عليك العلى وقف