أسالمُ قد سلمتَ من العيوب … ألا فاسلمْ كذاك من الخطوبِ
وقد حُسِّنتَ أخلاقاً وخَلْقاً … فقد أصبحتَ مصباحَ القلوبِ
مُصدَّقَ كنية ٍ حسناءَ واسمٍ … وكم سمة ٍ مكذَّبة ٍ كذوبِ
فيما قمراً ينير بلا أفولٍ … ويا شمساً تضيء بلا غروبِ
أغْثني يا أبا حسنٍ أغثني … فأنت المستغاث لدى الكروبِ
أجِرني من نقائصَ قد أضرَّت … بعبدك يا ربيعَ ذوي الجُدوبِ
وما وجهُ استقائي من غديرٍ … وأنت البحرُ والموج الغضوبِ
وأنَّى تستمِدُّ من السواقي … لتُنضبهَا ولستَ بذي نضوبِ
أينقُص كاملٌ عُرْفاً أتاه … إلى حُرٍّ ليس بذي ذُنوبِ
أبى النقصانَ فعلُ أخي كمالٍ … يجِلُّ عن المَناقص والعيوبِ
جوادٍ بالتلاد وللمعالي … كسوبٍ أو يزيد على الكسوبِ
أُعيذك أن تخفف من دروعي … فإني من زماني في حروبِ
وما تلك الدروعُ سوى هباتٍ … تجودُ عليَّ من يدكَ الوَهوبِ
أصونُ بها المَقاتلَ من زمانٍ … على الأحرار عَدَّاءٍ وَثوبِ
فلا تُوسِعْ له في جيب درعي … فقد تؤتَى الدروعُ من الجيوبِ
ولا تجعل إليّ له مَساغاً … فقد تؤتى الحصونُ من النقوبِ
أترضى أن أُراعَ وأنت جارِي … بأشباهِ الغُصوبِ أو الغُصوبِ
وجارك حين يَغْشى الضيمُ جاراً … أعزُّ من المحلِّقة ِ الطَّلوبِ
تُروِّعني النقائصُ كلَّ شهرٍ … مع التعبِ المبرِّحِ والدُّؤوبِ
كأَني حين أذكرهنَّ أُرمَى … بسهمٍ في فؤادي ذي نُشوبِ
وحسبي رائعاً أهوالُ بحرٍ … يظل العقلُ منها ذا عُزوبِ
تَسامى فيه أمواجٌ صِعابٌ … كأنَّ زُهاءهنَّ زُهاءُ لُوبِ
أظل إذا طغوتُ على ذُراها … أهلِّل من محاذرة الرسوبِ
تَلاعبُ بي تلاعُبَ ذات جدٍ … غَواربُ متنِ مِجدادٍ لَعوبِ
أُعيدُ ركوبَهُ صُبحاً ومُسْياً … وما هو بالذلولِ ولا الرَّكوبِ
وكم يومٍ أراني الموتَ فيه … جُنونُ الموجِ في هَوَجِ الجنوبِ
وقاني شرَّهُ من بعد يأسٍ … دِفاعُ اللَّه دَفّاعِ الرُّيوبِ
فمن يَطَربْ إذا هبّتْ جنوبٌ … فلستُ لها وعيشك بالطَّروبِ
ولكني لها مذ كنت قالٍ … قِلَى المملوك لوالي الضَّروبِ
ولو حيَّتْ بريَّاً الروض أنفي … ولو جاءت بكل حَياً سَكوبِ
إذا سقطت خشيتُ لها هُبوباً … وإن هبت جَزعتُ من الهبوبِ
ولمْ لا وهْيَ زَلزلة ٌ ولكنْ … بركبِ الماء لا ركبِ السُّهوبِ
وَبَلبلة ٌ لأهل البَرِّ تجري … فكلُّ من أذاها في ضُروبِ
تثيرُ عَجاجة ً وتثيرُ حُمَّى … لعذبِ الماء طُراً والشَّروبِ
وَتَذْهَبُ بالعقول إذا تداعتْ … أَزاملُ جَوِّها الزَّجل الصَّخوبِ
ويُضحى ما اكتستهُ كلُّ أرضٍ … يميدُ مرنّحاً مَيْد الشُّروبِ
ويُمسي النخل والشَّجراء منها … وجُلُّهما صريعٌ للجنُوبِ
فتلك الرّيحُ ممّا أجتويهِ … وعَلاَّمِ المشاهدِ والغيوبِ
ومما أشتهيه دُرورُ رزقي … وأن أُعطَاه موفورَ الذَّنوبِ
وأن ألقاهُ يضحك من بعيدٍ … نَقيَّ الصفحتين من الشُّحوبِ
وليس بواجبٍ ما أشتهيه … ولكنْ إن تَطَوَّلَ ذو وجوبِ
تسنَّم ظهرَ مَكرُمَة ٍ أنيختْ … لتركبها ولا تكُ بالهَيوبِ
وما ينحو بك العافون إلاّ … طريقاً لستَ عنه بذي نُكوبِ