أرح يمينكَ مِمَّا أنتَ مُعتَقِلُ … أَمْضَى الأَسِنَّة ِ ما فُولاذُهُ الكَحَلُ
يَا مَنْ يُرِيني المَنَايَا واسْمُهَا نَظَرٌ … مِنَ السُّيُوفِ المَوَاضِي واسْمُهَا مُقَلُ
مَا بَالُ أَلْحَاظُكَ المَرْضَى تُحارِبُني … كأَنَّما كُلُّ لَحْظٍ فارِسٌ بَطلُ
وَمَا لِقَوْمِكَ سَاءَتْ بِي ظُنُونُهُمْ … فليتهم عَلِموا مني الذي جَهلوا
في ذِمّة ِ الله ناءٍ حُسْنُه أَمَمٌ … وَفَارِغُ القَلْبِ في قَلْبِي بِهِ شُغْلُ
مِنْ دُونِهِ كُثُبٌ مِنْ دُونِهَا حَرَسٌ … مِنْ دُونِهِ قُضُبٌ مِنْ دُونِهَا الأَسَلُ
ومَعْشَرٍ لمْ تزلْ في الحربِ بِيضُهُمُ … حُمرُ الخُدود وما منْ شأنِهَا الخَجَلُ
إذا انتضوْهَا بروقاً ردَّها سُحُباً … بِهَا دمٌ سالَ مِنها عارضٌ هَطَلُ
يُثني حديث الوغى أعطافهُم طَرباً … كأنَّ ذِكرَ المَنَايا بينهمْ غَزَلُ
كَم نَارِ حَرْبٍ بِهِمْ شَبَّتْ وَهُمْ سُحبٌ … وأرضِ قومٍ بهم فاضتْ وهم شُعَلُ
مِنْ كلِّ ذي طرَّة ٍ سوداء يلبسُها … غَيْمٌ بِهَا مِنْ عُبَابِ النَّقْعِ مُتَّصِلُ
ضاءت بحسنهم تِلْكَ الخِيامُ كَمَا … ضاءَت بوجه ابن عبد الظَّاهِر الدُّولُ
كأَنَّما كَفُّ فَتْحِ الدِّينِ وَجْنَتُهُ … لذاكَ يحسن في ساحاتِهَا القُبَلُ
أَغرُّ ما أَبْدَتِ السُّحْبُ الحَيا لِسِوَى … تقصيرها عن نداه حينَ ينهملُ
إنْ قُلْتُ يُمْنَاهُ مِثْلُ البَحْرِ صَدَّقني … بِهَا مَنَاهِلُ مِنْهَا تَشْرَبُ القُبُلُ
يدٌ لَهَا كم يدٍ من قبلها سبقتْ … يَدٌ وَكَمْ مِنْ يَدٍ مِنْ بَعْدِهَا تَصِلُ
تُوحي إلى كُلّ قِرْطَاسٍ بَلاَغَتُهُ … سحرُ البيانِ ومنْ أقلامِهِ الرُّسلُ
سُمرٌ تروقكَ رأي العينِ عارية ً … وَمِنْ بَدِيعِ مَعَانِيهِ لَهَا حُلَلُ
من الأسنَّة ِ في أطرافها سنة ٌ … لَوْلا النَّضَارَة ِ قُلْنَا إنَّهَا ذَبلُ
من كل معتدلٍ كالميلِ إنْ رَمَدَتْ … عَيْنُ المَعَالي فَفِيها نَقْسُه كَحَلُ
فللعداة ِ لديهِ كُلّ ما حذروا … وَلِلْعُفَاة ِ عَلَيْهِ كُلّ مَا سَأَلُوا
أضحتْ يداهُ لعقدِ الجود واسطة ً … فليس يُدرى لجودٍ بعدَها عَطَلُ
يَجُودُ حَتّى يَملَّ النّاسُ أَنْعُمَهُ … وليس يُدركُه من بذلها مللُ
سَادَتْ وَسَارَتْ بِهَا الأَفْوَاهُ مُعْلِنَة ً … فَقَدْ غَدَتْ مَثَلاً يَغْدُو بِهَا المَثَلُ
بَنى لأبنائِه بيتَ العلُى وثَوى … فيما بَناهُ له آباؤهُ الأُوَلُ
كَانُوا أَتمَّ الوَرَى جُوداً وإنْ صَمَتُوا … وأعظم النَّاسِ أحلاماً وإن جهلوا
زَالُوا فأُوْدِعَ في الأَسْمَاعِ ذِكْرُهُمُ … مَحَاسِناً أُوْدِعتها قَبْلَهَا المُقَلُ
امْدحْ وقلْ في معانيهِ فَقَد كَرُمَتْ … لا يَحْسُنُ القَوْلُ حَتَّى يُحسنُ العَمَلُ
يَا مَعْدِنَ الجُودِ لا أَبْغِي سِوَاكَ وَلَوْ … فعلت ذلك سُدَّت عني السُّبُلُ
إنْ ابْنَ بابِكَ مَحْسُوبٌ عَلَيْكَ وَلِي … حَقُّ العبودة مَشْفُوعٌ بِهِ الأَمَلُ