أبو غازي السلام عليك منّا … و عفوا أيّها الملك الهمام
فما ضاق الكلام بنا ، و لكن … وجدنا الحزن أرخصه الكلام
و خطبك لا يفيه دمع باك … فموتك من بني العرب يبكي الغمام
و نحن أحقّ أن نبكي و نرثى … فموتك من بني العرب انتقام
خبا نبراسنا ، و اللّيل داج ، … و كنت حسامنا ، فنبا الحسام
كأنّك قد وترت الموت قدما … وهابك في كنانتك السّهام
فدبّ إليك مثل اللّصّ ليلا … و كان الموت ليس له ذمام
طوى الدنيا نعيّك في ثوان … فريع البيت و البلد الحرام
و ” دجلة ” كالطّين له أنين … و في ” بردى ” التياع و اضطرام
ورحنا بين مصعوق وساه … كمن صرعت عقولهم المدام
كأنّ الأرض قد قد مادت و فضّت … عن الموتى الصفائح و الرّجام
فمن للبيض و الجرد المذاكي ؟ … و ” فيصل ” بات يحويه الرّغام
و من للحقّ ينشره لواء … به للنّاس هدي و اعتصام
توارى المجد في كفن و لحد … و غابت في التراب منّى عظام
مضى وحديثه في الناس باق … كعمر الشّمس ليس له انصرام
فيا جدثا حواه لست قبرا … و لكن أنت في الدنيا وسام
حياتك ” يا أبا غازي ” حياة … كفصل الصّيف : زهر و ابتسام
وقد تحصى الكواكب و الأقا … حي و لا تحصى أياديك الجسام
مددت إلى منى العرب الغوافي … يدا ، فتفتّقت عنها الكمام
و أمسى بندهم و له خفوق … و أمسى عقدهم و له نظام
و كم أسقمت جسمك كي يصحّوا … و حالفت السّهاد و هم نيام
و كم جازيت عن شرّ بخير … و كم جازاك بالغدر الأنام
خذلت فما عتبت على صديق … و لم تحنق وقد كثر الملام
و كم قد فزت في حرب و سلم … فلم يلعب بعطفيك العرام
خلائق من له عرق كريم … و خطّة من له قلب عصام
خذوا الخلق الرفيع من الصحا … ري ، فإنّ النفس يفسدها الزحام
و كم فقدت جلالتها قصور … و لم تفقد مروءتها الخيام
و قالوا اندك عرشك في دمشق … كأنّ العرش أخشاب تقام
و كيف تهدّ سدّتك العوالي … و لم يسلبكها الموت الزؤام ؟
فما كان انتصارهم علاء … و لا كان انكسارك فيه ذام
إذا لم تنصر الأرواح ملكا … فأحسن ما حوى جثث وهام
و ما زالت لك الأرواح فيها … و ما زالت عشيرتك الشآم
تصفّق لاسمك الأمواه فيها … و يهتف في خمائلها الحمام
و بذكر أهلها تلك السجايا … فيشرق من تذكّرها الظلام
و ليس أحبّ من حرّ مؤاس … إلى شعب يساء و يستضام
فقل للساخطين على اللّيالي … و من سكنوا على يأس و ناموا
سينحسر الضباب عن الروابي … و يبدو الورد فيها فيها و الخزام
و يصفو جوّنا بعد انكدار … و يسقى أرضنا المطر الرّهام
و نرجع أمّة ترجى و تخشى … و إن كره الزعانف و الطّغا