أإبْرَاهِيمُ دِعْوَةَ مُسْتَعِيدِ … لرَأيٍ مِنكَ مَحْمُودٍ، فَقِيدِ
تَجَلّى بِشْرُكَ الأمسِيُّ عَنّي، … تَجَلّي جانِبِ الظّلّ المَديدِ
وأظْلَمَ بَيْنَنَا ما كَانَ أضْوَا … عَلى اللّحَظاتِ مِنْ فَلَقِ العَمُودِ
وَفي عَيْنَيكَ تَرْجَمَةٌ أرَاهَا … تَدُلُّ عَلى الضّغَائِنِ، والحُقودِ
وأخْلاقٌ، عَهِدتُ اللّينَ مِنْهَا، … غَدَتْ وَكأنّها زُبَرُ الحَديدِ
أميلُ إلَيكَ عَنْ وِدٍّ قَرِيبٍ، … فتُبْعِدُني عَلى النّسّبِ البَعيدِ
وَمَا ذَنْبي بأنْ كانَ ابنُ عَمّي … سواكَ، وكانَ عُودُكَ غيرَ عُودي
لئن بعدت عراقك عن شآمي … كما بعدت جدودك عن جدودي
فلَمْ تَكُ نيّتي عَنْكَ اخْتِياراً، … وَكَانَ الله أوْلَى بالعَبِيدِ
وَيَصْنَعُ في مُعَانَدَتي لِقَوْمٍ، … وَبَعضُ الصّنعِ مِنْ سَبَبٍ بَعِيدِ
أمَا استَحْيَيْتَ مِنْ مِدَحٍ سَوَارٍ … بوَصْفِكَ، في التّهَائمِ والنُّجُودِ
تَوَدُّ بأنّهَا لَكَ فيّ عُجْباً، … بجَوْهَرِها المُفَضَّلِ في النّشيدِ
بَنَتْ لَكَ مَعقِلاً في الشّعرِ ثَبتاً، … وأبْقَتْ مِنكَ ذِكْراً في القَصِيدِ
وَتَبْدَهُني إذا ما الكأسُ دارَتْ … بنَزْقاتٍ تَجيءُ عَلى البَرِيدِ
عَرَابِدُ يُطْرِقُ الجُلَسَاءُ مِنْهَا … عَليّ كأنّها حَطَبُ الوَقُودِ
وَمُعْتَرِضِينَ إنْ عَظُّمْتُ أمْراً … بِهِمْ، شَهِدُوا عَليّ وَهُمْ شُهُودي
وَمَا لي قُوّةٌ تَنْهَاكَ عَنّي، … وَلاَ آوِي إلى رُكْنٍ شَديدِ
سِوَى شُعَلٍ يَخَافُ الحُرُّ مِنْهَا … لَهِيباً، غَيرَ مَرْجُوّ الخُمُودِ
وَلَوْ أنّي أشَاءُ، وأنْتَ تُرْبي، … عَليّ، لَثُرْتُ ثَوْرَةَ مُسْتَقِيدِ
ظَلَمْتَ أخاً لَوِ التَمَسَ انتِصاراً … غَزَاكَ مِنَ القَوَافي في جُنُودِ
نُجُومُ خَلاَئِقٍ طَلَعَتْ جَميعاً، … فَجَاءَتْ بالنّحُوسِ وبالسّعُودِ
وَقَدْ عَاقَدْتَني بخِلافِ هذا، … وَقَالَ الله: أوْفُو بِالعُقُودِ
أتُوبُ إلَيْكَ مِنْ ثِقَةٍ بخِلٍّ، … طَرِيفٍ في الأُخُوّةِ، أوْ تَلِيدِ
وأشْكُرُ نِعْمَةً لَكَ باطّلاعِي … عَلى أنّ الوَفَاءَ اليَوْمَ مُودِ
سأرْحَلُ عاتِباً، وَيَكُونُ عَتبي … عَلى غَيرِ التّهَدّدِ، والوَعيدِ
وأحفَظُ منكَ ما ضَيّعتَ منّي، … على رُغْمِ المُكاشِحِ والحَسُودِ
رأيتُ الحَزْمَ في صَدَرٍ سَرِيعٍ، … إذا استَوْبأتُ عاقِبَةَ الورودِ
وكنتُ إذا الصّديقُ رَأى وِصَالي … متاجَرَةً، رَجَعت إلى الصدود
سَلامٌ كُلّما قيلَتْ سَلامٌ … عَلى سَعدِ العُفَاةِ أبي سَعيدِ
فتىً جَعَلَ التّعَصّبَ للمَعَالي … وَوَجّهَ وِدَّةُ نَحْوَ الوَدُودِ
وخَلّدَ مَجْدَهُ بَينَ القَوَافي … وبَعْضُ الشّعْرِ أملَى بالخُلُودِ
كَذَلِكَ لاحَ في أقْصَى ظُنُوني، … فَلَمْ ألْحَظْهُ لِحْظَةَ مُسْتَزِيدِ
وَكَيْفَ يَكُونُ ذاكَ، وَكلَّ يَوْمٍ … يُقَابِلُني بِمَعْرُوفٍ جَدِيدِ